للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أتعطونني كلمة واحدة، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟». فقال أبو جهل: لله أبوك! لنعطينكها، وعشر أمثالها! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «قولوا: لا إله إلاّ الله». فنفروا من ذلك، وقاموا، فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً} فكيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟. هذا؛ وكان لهم ثلاثمئة وستون صنما منصوبة حول الكعبة المعظمة، فأنزل الله فيهم هذه الآيات إلى قوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}. و {عُجابٌ} أي: بليغ في العجب، وقد فرق الخليل بين عجاب، وعجيب، فقال: العجيب: العجب، والعجاب: الذي قد تجاوز حدّ العجب، والطويل: الذي فيه طول، والطّوال: الذي قد تجاوز حد الطول.

الإعراب: {أَجَعَلَ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. (جعل): فعل ماض، والفاعل مستتر، تقديره: «هو» يعود إلى النبي؛ الذي عبروا عنه ب‍: {ساحِرٌ كَذّابٌ} والفعل من أفعال التحويل، وقد نصب مفعولين: {الْآلِهَةَ:} مفعول به أول. {إِلهاً:} مفعول به ثان. {واحِداً:} صفة.

{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم:

{إِنَّ،} والهاء حرف تنبيه لا محل له. {لَشَيْءٌ:} خبر: {إِنَّ}. واللام هي المزحلقة. {عُجابٌ:}

صفة (شيء). والآية بكاملها في محل نصب مقول القول.

{وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا وَاِصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦)}

الشرح: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} أي: خرجوا من عند أبي طالب بعد أن طلب منهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم كلمة التوحيد. هذا؛ و {الْمَلَأُ:} الأشراف، والسادة، ولا يقال لغيرهم؛ لأنهم يملؤون العيون بكبريائهم، وعظمتهم وزينتهم، وبما يحاطون به من هيبة وعظمة، وهو اسم جمع، لا واحد له من لفظه، مثل: رهط، ونحوه. هذا؛ وكان الملأ الذين أتوا إلى أبي طالب خمسة وعشرين رجلا، أعظمهم الوليد بن المغيرة.

{أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ} أي: انطلقوا. يقول بعضهم لبعض: اثبتوا على عبادة آلهتكم، واصبروا عليها، لا تحيدوا عنها. {إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ} أي: إن الذي جاء به محمد، ويدعونا إليه إنما يريد به الانقياد له؛ ليعلو علينا، ونكون له أتباعا، فيتحكم بما يريد فينا، فهذا قصده، ومراده منا. فهو تحذير لبعضهم بعضا. وقال الزمخشري: أي: يريده الله تعالى، ويحكم بإمضائه، وما أراد الله كونه؛ فلا مرد له، ولا ينفع فيه إلا الصبر. أو: إن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر، يراد بنا، فلا انفكاك لنا منه. أو: إن دينكم لشيء يراد، أي: يطلب ليؤخذ منكم، وتغلبوا عليه. والأول أقوى، وأولى بالاعتبار؛ لأنه الموافق للمقام.

الإعراب: {وَانْطَلَقَ:} الواو: حرف عطف. (انطلق الملأ): ماض، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من:

<<  <  ج: ص:  >  >>