للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {الْكِتابِ:} مضاف إليه. {الْمُبِينِ:} صفة {الْكِتابِ،} والجملة الاسمية: {تِلْكَ آياتُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو: {طسم} على الوجه الثاني من وجهي الرفع، كما رأيت، والرابط: اسم الإشارة على اعتبار الإشارة عائدة على {طسم،} وهي مستأنفة على بقية الأوجه فيه.

{لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)}

الشرح: {لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: لعلك مهلك نفسك، وقاتلها.

وأصل البخع أن يبلغ الذابح بالذبح البخاع، وهو عرق مستبطن الفقار، وذلك أقصى حد الذبح.

وفي المصباح المنير: وبخع نفسه بخعا من باب: نفع: قتلها من وجد، أو غيظ. وبخع لي بالحق بخوعا: انقاد له، وخضع. و (لعلّ) هنا للإشفاق؛ أي: أشفق على نفسك أن تقتلها. {أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي: لئلا يؤمنوا، أو خيفة عدم إيمانهم. فقد شبه الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم حين تولى عنه المشركون برجل فارقه أحبته، فهو يتساقط حسرات عليهم، ويهلك نفسه وجدا عليهم، وتلهفا على فراقهم. ففي الكلام استعارة تمثيلية. وبخع نفسه: قتلها غما، قال ذو الرمة: [الطويل]

ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه... بشيء نحته عن يديه المقادر

والترجي هنا ليس على بابه، بل المقصود منه النهي؛ أي: لا تبخع نفسك، أي: لا تهلكها غما على عدم إيمانهم، وقيل: هو للإشفاق على بابها. هذا؛ والفراق بين الترجي، والإشفاق:

أن الأول في المحبوب، والثاني في المكروه، وما في الآية من هذا القبيل، وقيل: (لعلّ) هنا للاستفهام، وهو رأي الكوفيين، ومثل الآية الآية رقم [٦] من سورة (الكهف).

الإعراب: {لَعَلَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها.

{باخِعٌ:} خبرها، وفاعله ضمير مستتر تقديره: «أنت». {نَفْسَكَ:} مفعول به ل‍ {باخِعٌ،} والكاف في محل جر بالإضافة. (أن): حرف مصدري، ونصب. (لا): نافية. {يَكُونُوا:} فعل مضارع ناقص منصوب ب‍ (أن)، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو اسمه، والألف للتفريق. {مُؤْمِنِينَ:} خبر {يَكُونُوا} منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، و (أن) والفعل {يَكُونُوا} في تأويل مصدر في محل جر بلام تعليل محذوفة، التقدير: لئلا يكونوا، وهو قول الكوفيين، أو هو في محل جر بإضافة مفعول لأجله إليه، التقدير: مخافة عدم إيمانهم، وهو قول البصريين، ومثل هذه الآية قول عمرو بن كلثوم، وهو الشاهد رقم [٤٨] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الوافر]

نزلتم منزل الأضياف منّا... فعجّلنا القرى أن تشتمونا

<<  <  ج: ص:  >  >>