قال الجوهري: والصواب أن تجمع بذوات، وتضاف إلى واحد، فيقال: ذوات طسم، وذوات حم. انتهى. قرطبي. {آياتُ:} جمع آية، وهي تطلق على معان كثيرة: الدلالة، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. وتطلق على المعجزة، مثل انشقاق القمر، ونحوه، وعصا موسى، ونحو ذلك، قال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ}. وتطلق على الموعظة، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}. كما تطلق على جملتين، أو أكثر من كلام الله تعالى، وعلى السورة بكاملها، وهي المرادة هنا.
{الْكِتابِ:} هو في اللغة: الضم، والجمع، وسميت الجماعة من الجيش كتيبة؛ لاجتماعهم، كما سمي الكاتب كاتبا؛ لأنه يضم الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه، ويرتبه، وفي الاصطلاح: اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب، وفصول، ومسائل غالبا.
والمراد به هنا: القرآن الكريم الذي أنزل على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم. {الْمُبِينِ:} الظاهر إعجازه، وصحته، وما فيه من الأحكام، والمبين للحق من الباطل، والحلال، والحرام، وقصص الأنبياء، ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وانظر وصفه ب:{الْحَكِيمِ} في أول سورة (لقمان) وهو اسم فاعل من: أبان الرباعي، أصله المبين بسكون الباء وكسر الياء، فنقلت كسرة الياء إلى الباء بعد سلب سكونها؛ لأن الحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، ولا تنس: أن اسم الفاعل من بان الثلاثي: «بائن».
الإعراب:{طسم:} في إعراب هذا اللفظ وأمثاله وجوه: الأول: أن محله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا طسم، أو هو مبتدأ خبره ما بعده. والثاني: أن محله النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اقرأ، أو اتل طسم، أو هو منصوب على تقدير حذف حرف القسم، كما تقول: الله لأفعلنّ، والناصب فعل محذوف أيضا، التقدير:
التزمت الله، أي اليمين به. والثالث: أن محله الجر على القسم، وحرف الجر محذوف، وبقي عمله بعد الحذف؛ لأنه مراد، فهو كالملفوظ به، وتقدير الكلام على هذا: أقسم، أو أحلف ب {طسم،} وضعف هذا سليمان الجمل، فقال: وهذا ضعيف؛ لأن ذلك، أي حذف الجار وإبقاء عمله من خصائص الجلالة المعظمة، لا يشركها فيه غيرها، ولا محل لها من الإعراب على اعتبارها وأمثالها حروفا مقطعة، أو مختصرة من أسماء. وكذلك على قول السلف في هذا اللفظ، وأمثاله: الله أعلم بمراده بذلك، لا محل له من الإعراب؛ لأن الإعراب فرع معرفة المعنى.
{تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، وأجيز اعتباره خبر لمبتدأ محذوف التقدير: هذه تلك، فتكون {آياتُ} بدلا من اسم الإشارة، والأول أقوى، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {آياتُ:} خبر المبتدأ، و {آياتُ:} مضاف،