للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من قال: لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة». قيل: وما إخلاصها؟ قال: «أن تحجزه عن محارم الله». رواه الطبراني في الأوسط عن زيد بن أرقم-رضي الله عنه-، وفي الكبير؛ إلا أنه قال: «أن تحجزه عمّا حرّم الله».

الإعراب: {يُوفُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله. {بِالنَّذْرِ:} متعلقان بما قبلهما، واعتبار الباء هنا صلة، فالمعنى يؤيده، وعليه ف‍: (النذر) مفعول به فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية مستأنفة استئنافا بيانيا، كأنه قيل: بم استحقوا هذا النعيم؟ وجملة: {وَيَخافُونَ يَوْماً} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {كانَ:} فعل ماض ناقص. {شَرُّهُ:} اسمها، والهاء في محل جر بالإضافة.

{مُسْتَطِيراً:} خبرها، والجملة الفعلية في محل نصب صفة {يَوْماً}.

{وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨)}

الشرح: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ:} قال ابن عباس، ومجاهد-رضي الله عنهما-: على حب الطعام، وقلته، وشهوتهم له، والحاجة إليه. انتهى. وعليه فقد وصفهم الله تعالى بأنهم يؤثرون غيرهم على أنفسهم بالطعام، ويواسو أهل الحاجة به، وذلك؛ لأن أشرف أنواع الإحسان، والبر إطعام الطعام؛ لأن به قوام الأبدان. وقال أبو سليمان الداراني: على حب الله تعالى، أقول: وكلاهما صحيح، وجيد. ومثل هذه الآية في إرجاع الضمير قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٧٦]: {وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ..}. إلخ. {مِسْكِيناً} أي: ذا مسكنة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس المسكين الذي تردّه اللقمة، واللقمتان، والتمرة، والتمرتان، ولكن المسكين الّذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له، فيتصدّق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس». رواه البخاري، ومسلم.

{وَيَتِيماً} أي: صغيرا، وهو الذي فقد أباه الذي يكتسب له، وينفق عليه، روى منصور عن الحسن: أن يتيما كان يحضر طعام ابن عمر-رضي الله عنهما-، فدعا ذات يوم بطعامه، وطلب اليتيم فلم يجده، ثم جاء بعدما فرغ ابن عمر من طعامه، فلم يجد الطعام، فدعا له بسويق، وعسل، فقال: دونك هذا؛ فو الله ما غبنت! قال الحسن وابن عمر: والله ما غبن!.

{وَأَسِيراً:} قيل: هو المسجون من أهل القبلة، يعني: من المسلمين. وقيل: هو من أهل الشرك، أمر الله المسلمين بالأسرى أن يحسنوا إليهم، وأن أسراهم يومئذ أهل الشرك. قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤتى بالأسير، فيدفعه إلى بعض المسلمين، ويقول له: أحسن إليه، فيكون عنده اليومين، والثلاثة، فيؤثره على نفسه، ويشهد لذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم

<<  <  ج: ص:  >  >>