وقال عبيد بن عمير: هن البنات، يدل عليه، أوائل الآية. قال تعالى:{الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا} ثم قال: {وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ} يعني البنات الصالحات، هن عند الله لآبائهن خير ثوابا، وخير أملا في الآخرة لمن أحسن إليهن. انظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٩] من سورة (النحل)، وخذ ما يلي: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «لقد رأيت رجلا من أمّتي أمر به إلى النار، فتعلق به بناته، وجعلن يصرخن، ويقلن: ربّ إنه كان يحسن إلينا في الدّنيا، فرحمه الله بهنّ». هذا؛ وليس في زينة الدنيا خير، ولكنه في التحقيق ممّا يظنه الجهال: أنه خير في ظنهم، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. وانظر الآية رقم [٧٦] من سورة (مريم) عليها السّلام.
هذا، وفي قوله تعالى:{الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ..}. إلخ فن الجمع، وهو أن يجمع المتكلم بين شيئين في حكم واحد، فقد جعل الله المال والبنين زينة الحياة الدنيا، ومنه قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٩٠]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ..}. إلخ ومنه قول الشاعر:[البسيط]
آراؤه وعطاياه ونعمته... وعفوه رحمة للنّاس كلّهم
وانظر المحسنات البديعية في كتاب قواعد اللغة العربية الذي شرحته، وحققته.
الإعراب:{الْمالُ:} مبتدأ. {وَالْبَنُونَ:} معطوف عليه مرفوع مثله، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {زِينَةُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْحَياةِ} مضاف إليه. {الدُّنْيا:} صفة الحياة مجرور مثله، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف، والجملة الاسمية:{الْمالُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{وَالْباقِياتُ:} مبتدأ. {الصّالِحاتُ:} صفة لها. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، أو هي مستأنفة. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق ب: {خَيْرٌ،} و {عِنْدَ:} مضاف، و {رَبِّكَ} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، {ثَواباً:} تمييز. {وَخَيْرٌ:} معطوف على ما قبله. {أَمَلاً:} تمييز.
الشرح:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ} أي: نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض، ونسيرها كما نسير السحاب. قال تعالى في سورة (النمل): {وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ} و {وَتَرَى:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، أو لكل واحد. {بارِزَةً:} ظاهرة، ليس عليها ما يسترها من جبل، أو شجر، أو بنيان. وقيل: المعنى برز ما فيها من الكنوز، والأموات، كما قال تعالى:
{وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ} وقال: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} وهذا قول عطاء رحمه الله تعالى.
{وَحَشَرْناهُمْ:} أخرجناهم من قبورهم، وسقناهم إلى المحشر جميعا برهم، وفاجرهم، إنسهم،