للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظعون-رضي الله عنه-، ولو لم يكن في القرآن غير هذه الآية؛ لصدق عليه أنه تبيان لكلّ شيء، وهدى ورحمة للعالمين.

قال عكرمة: قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم على الوليد بن المغيرة: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ..}. إلخ فقال: يا ابن أخي أعد عليّ، فأعادها عليه، فقال: والله إنّ له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وأعلاه لمورق-أو لمثمر-وما هو بقول بشر! وذكر الغزنوي أنّ عثمان بن مظعون هو القارئ. انتهى. قرطبي. وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [٧٨].

تنبيه: يروى: أن الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-قد أمر بتلاوة هذه الآية بدلا من القذف الذي كان يعقب خطبة الجمعة بالإمام علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، وكرم الله وجهه. وفي الآية الكريمة من البلاغة ما فيها، مثل الإيجاز الموفي بالمعنى، والتقسيم، والطباق اللفظي، والمقابلة، وحسن النسق، وتآلف الألفاظ، والمعاني، والمساواة بينهما، وكل ذلك يظهر بأدنى تأمل، {فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ}.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَأْمُرُ:} مضارع، وفاعله يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ}. {بِالْعَدْلِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ:} معطوفان على العدل، و (إيتاء) مضاف، و {ذِي} مضاف إليه، مجرور وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، وهذه الإضافة من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف و {ذِي:} مضاف، و {الْقُرْبى:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، وجملة: {وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها، والجملة الاسمية: {إِنَّ اللهَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{يَعِظُكُمْ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والكاف في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل ينهى المستتر، والرابط: الضمير، ويجوز اعتبار الجملة مستأنفة، لا محل لها. وانظر إعراب مثل {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ومحلها في الآية رقم [٨١].

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٩١)}

الشرح: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ:} قال القرطبي: لفظ عام لجميع ما يعقد باللسان، ويلتزمه الإنسان من بيع، أو صلة، أو مواثقة في أمر موافق للديانة، وهذه الآية مضمون قوله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ..}. إلخ؛ لأن المعنى فيها: افعلوا كذا واتركوا كذا، فعطف على ذلك التقدير. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٢] من سورة (الرّعد). تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {إِذا عاهَدْتُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>