للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان معظما له: عفا الله عنك ما صنعت في أمري؟ رضي الله عنك، ما جوابك عن كلامي؟ وعافاك الله، وغفر لك، كل هذه الألفاظ في ابتداء الكلام وافتتاحه، تدل على تعظيم المخاطب به، وهو وارد في الشعر العربي.

والجواب عن الثاني: أنه لا يجوز أن يكون المراد بقوله: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} الإنكار عليه، وبيانه إما أن يكون قد صدر عنه ذنب في هذه الواقعة أو لا، فإن كان قد صدر عنه الذنب بعد العفو لا يليق، وإن لم يكن قد صدر عنه ذنب؛ امتنع الإنكار عليه، فثبت بهذا أن الإنكار يمتنع في حقه صلّى الله عليه وسلّم. انتهى. خازن بتصرف بسيط، وانظر الآية رقم [١٠٦] من سورة (النساء) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {عَفَا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {اللهُ}: فاعله.

{عَنْكَ}: متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {لِمَ} اللام: حرف جر، وما: اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام، وحذفت ألفها بيانا للفرق بين الخبر، والاستخبار، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بعدهما. {أَذِنْتَ}: فعل وفاعل. {لَهُمْ}:

متعلقان به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {حَتّى}: حرف غاية وجر. {يَتَبَيَّنَ}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد {حَتّى}. {لَكَ}: متعلقان بما قبلهما. {الَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، وجملة {صَدَقُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر ب‍ {حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، التقدير: هلا تركتهم بلا إذن إلى أن يتبين، أي: إلى تبيين حالهم وشأنهم، ولا يجوز أن يتعلق {حَتّى..}. إلخ ب‍ {أَذِنْتَ؛} لأن ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية، أو لأجل التبيين، وهذا لا يعاتب عليه. {وَتَعْلَمَ}: معطوف على {يَتَبَيَّنَ} منصوب مثله، والفاعل تقديره: «أنت». {الْكاذِبِينَ}: مفعول به منصوب.. الخ، واكتفى الفعل بمفعول واحد؛ لأنه بمعنى: تعرف، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٦١] من سورة (الأنفال).

تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)}

الشرح: {لا يَسْتَأْذِنُكَ..}. إلخ أي: ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في الخروج إلى الجهاد، فإن المؤمنين الصادقين يبادرون إليه، ولا يوقفونه على الإذن فيه، فضلا عن الاستئذان في التخلف عنه، وإنما استأذنك المنافقون كراهة للجهاد، وجبنا عنه، {وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} أي: الذين يسارعون إلى أوامر الله وأوامر رسوله صلّى الله عليه وسلّم فيجازيهم على ذلك أحسن الجزاء، بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>