وتسمية آياته سحرا. فإنه يعم إثبات المنفي، ونفي الثابت. وقرئ: «(يدّعي)» اي ينتسب. يقال:
دعاه وادّعاه، كلمسه، والتمسه. انتهى. هذا؛ والإسلام: الاستسلام، والخضوع، والانقياد لأوامر الله تعالى مع تنزيه الله عن الولد، والوالد، والصاحبة. وكله مضمون التوحيد، وفحواه؛ الذي جاء به الرسل جميعا، ولذلك قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم «الأنبياء بنو علاّت». وبنو العلات أولاد الضرائر، وأبوهم واحد، يقصد النبي صلّى الله عليه وسلّم: أن الأنبياء جميعا جاؤوا بالتوحيد، وإن اختلفت الأحكام، والتكاليف الإلهية، ولذلك نطق الأنبياء بالإسلام، ومعناه: التوحيد. وخذ ما يلي:
فإبراهيم، وإسماعيل-عليهما السّلام-قالا:{رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}. سورة (البقرة) رقم [١٢٨]. وقال يوسف-عليه السّلام-سائلا ربه بقوله:{أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} سورة (يوسف) رقم [١٠١]. ومن قول سليمان عليه السّلام:{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنّا مُسْلِمِينَ} سورة (النمل) رقم [٤٢]. وبلقيس قالت:{وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} سورة (النمل) رقم [٤٤]. وغير ذلك كثير.
الإعراب:{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مفيد للنفي، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
{مِمَّنِ:} جار ومجرور متعلقان ب: {أَظْلَمُ} و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة فهي مبنية على السكون في محل جر ب:(من). {اِفْتَرى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، أو الرابط. {عَلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الْكَذِبَ:}
مفعول به، والجملة الفعلية صلة (من)، أو صفتها. {وَهُوَ:}(الواو): واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {يُدْعى:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل يعود إلى: الظالم. {إِلَى الْإِسْلامِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل {اِفْتَرى} المستتر، والرابط: الواو، والضمير. {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} انظر إعراب مثلها في الاية رقم [٥]: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ}.
الشرح:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ} أي: يريد الكفار إبطال نور الله، وهو القرآن الكريم، أو الإسلام، أو المراد: حجج الله ودلائله. هذا؛ والإطفاء هو: الإخماد، يستعملان في النار، ويستعملان فيما يجري مجراها من الضياء، والظهور، ويفترقان من وجه، وهو: أن الإطفاء يستعمل في القليل، والكثير، والإخماد لا يستعمل إلا في الكثير، فيقال: اطفأت السراج. ولا يقال: أخمدت السراج، والاستعارة واضحة، حيث استعار نور الله لدينه، وشرعه الواضح،