للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة البلد]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (البلد) مكية باتفاق، وآياتها عشرون. وكلماتها اثنتان وثمانون، وحروفها ثلاثمئة وعشرون. انتهى. خازن.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)}

الشرح: {لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ} أي: مكة. فقد أجمعوا عليه، فإن الله تعالى جعله حرما آمنا، ومثابة للناس، وجعل مسجده قبلة لأهل المشرق والمغرب من المسلمين، وشرفه بمقام إبراهيم، وحرم فيه الصيد، وجعل البيت المعمور بإزائه، ودحيت الأرض من تحته، فهذه الفضائل وغيرها لما اجتمعت في مكة دون غيرها؛ أقسم الله بها. انتهى. جمل نقلا من الرازي. هذا؛ وقد اختلف في (لا) فقيل: صلة. قاله الأخفش؛ أي: أقسم؛ لأنه قال: بهذا البلد، وقد أقسم به في سورة (التين) في قوله: {وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} فكيف يجحد القسم به، وقد أقسم به. قال الشاعر: [الطويل]

تذكّرت ليلى فاعترتني صبابة... وكاد صميم القلب لا يتقطّع

أراد: وكاد صميم القلب يتقطع. وقال بعضهم {لا} ردّ لكلامهم، حيث أنكروا الحشر، والنشر، فقال: ليس الأمر كما تزعمون. وهذا قول الفراء. وقال القشيري: قوله {لا} ردّ لما توهم الإنسان المذكور في هذه السورة. المغرور بالدنيا؛ أي: ليس الأمر كما يحسبه من أنه لن يقدر عليه أحد، ثم ابتدأ القسم. قالوا: وفائدتها تأكيد القسم، كقولك: لا والله ما ذاك! تريد والله، فيجوز حذفها لكنه أبلغ في الرد مع إثباتها. وقيل: اللام لام الابتداء، فأشبعت بالمد، فتولدت الألف، ويؤيده قراءة ابن كثير: «(لأقسم)» بغير ألف المد، ويعبر عن قراءة ابن كثير بالقصر، وعن قراءة الباقين بالمد، وعلى قراءة ابن كثير فاللام لام الابتداء، وجملة: {أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ} في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: لأنا أقسم بهذا البلد، ولو أريد به الاستقبال؛ للزمت النون، وقد جاء حذف نون التوكيد مع الفعل الذي يراد به الاستقبال، وهو شاذ. وانظر ما ذكرته في أول سورة (القيامة) إن أردت الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>