للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّبق حبل في عدّة عرا، يشدّ بها الغنم، الواحدة من العري: ربقة. وروى البغوي عن عمر -رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سرّه أن يسكن بحبوحة الجنّة؛ فعليه بالجماعة، فإنّ الشيطان مع الفذّ، وهو مع الاثنين أبعد». وقد ذكرت لك فيما مضى: أنّ النّهي مخصوص بالتفرّق في أصول الدّين دون فروع الشّريعة. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): نافية. {تَكُونُوا:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍ ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو اسمه، والألف للتفريق: {كَالَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {تَكُونُوا} وإن اعتبرت الكاف اسما بمعنى: «مثل» فهي الخبر، وهي مضاف و (الذين) مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. {تَفَرَّقُوا:} ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة صلة الموصول، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بأحد الفعلين على التنازع. {ما:} مصدرية.

{جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ:} فعل ماض، ومفعوله، وفاعله، و (ما) المصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جرّ بإضافة: {بَعْدِ} إليه، والجملة الفعلية: {وَلا تَكُونُوا} إلخ معطوفة على جملة: (اعتصموا...) إلخ لا محل لها مثلها. {وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٩١] وهي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها. بعد هذا: وقوع الكاف اسما كثير في اللغة انظر ما ذكرته في الشاهد رقم [٣٢٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، وهذا نصّه، وقائله العجّاج: [الرجز]

بيض ثلاث كنعاج جمّ... يضحكن عن كالبرد المنهمّ

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦)}

الشرح: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ:} يكون هذا يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم، تكون وجوه المؤمنين مبيضة، ووجوه الكافرين مسودة. قال تعالى في سورة (طه): {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} والمجرمون على اختلاف مللهم من كافرين، وظالمين، ومنافقين... إلخ، وفي بياض الوجوه، وسوادها قولان:

أحدهما: أن البياض كناية عن الفرح، والسرور. والسّواد كناية عن الغمّ، والحزن. وهذا مجاز مستعمل، يقال لمن نال بغيته، وظفر بمطلوبه: ابيضّ وجهه، يعني: من السرور، والفرح، ولمن ناله مكروه: اسودّ وجهه، واربدّ لونه؛ يعني: من الحزن، والغمّ. قال تعالى في سورة (النحل): {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} يعني: من الحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>