للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١)}

الشرح: {فَانْظُرْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل من يتأتى منه النظر نظر تبصر، واعتبار، فيعتبر العاقل وينزجر بذلك الاعتبار عن الأفعال القبيحة والأعمال الخبيثة، {كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ:} عاقبة كل شيء آخره ونتيجته، ولم يؤنث الفعل {كانَ؛} لأن {عاقِبَةُ} مؤنث مجازي، وما كان منه يستوي فيه التذكير والتأنيث، أو لأن {عاقِبَةُ} اكتسب التذكير من المضاف إليه، {أَنّا دَمَّرْناهُمْ..}. إلخ أهلكناهم بسبب كفرهم، وخروجهم عن طاعة ربهم بعقرهم الناقة، وغير ذلك من قبيح الفعال. هذا؛ ويقرأ بفتح همزة (أن) وكسرها، قراءتان سبعيتان.

هذا؛ وتدميرهم كان بإهلاك التسعة بالحجارة، وإهلاك الباقين بالصيحة.

الإعراب: {فَانْظُرْ:} الفاء: حرف استئناف، (انظر): فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا، تقديره: «أنت»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {كَيْفَ كانَ..}. إلخ: في {كانَ} وجهان: أحدهما: هي الناقصة، و {عاقِبَةُ} مرفوعة على أنها اسمها، وفي الخبر وجهان: أحدهما {كَيْفَ} و {أَنّا دَمَّرْناهُمْ:} إن كسرت الهمزة كان مستأنفا، وهو مفسر لمعنى الكلام، وإن فتحت ففيه أوجه: أحدها: أن يكون بدلا من ال‍ {عاقِبَةُ}. والثاني: أن يكون المصدر المؤول من (أنّ) واسمها، وخبرها في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف. التقدير: هي كوننا دمرناهم. والثالث: أن يكون في محل نصب بدلا من {كَيْفَ} عند بعضهم. وقال آخرون: لا يجوز ذلك؛ لأن البدل من الاستفهام، يلزم فيه إعادة حرفه، كقولك: كيف زيد؟ أصحيح أم مريض؟ والرابع: هو في موضع نصب على نزع الخافض، التقدير: بكوننا دمرناهم، أو لكوننا دمرناهم، والوجه الثاني: أن يكون خبر {كانَ} هو المصدر المؤول من {أَنّا دَمَّرْناهُمْ} إذا فتحت الهمزة، وإذا كسرت الهمزة لم يجز؛ لأنه ليس في الجملة ضمير يعود على {عاقِبَةُ،} و {كَيْفَ} على هذا في محل نصب حال من: {عَقِبِهِ،} والعامل في الحال {كانَ} أو ما يدل عليه الخبر، والوجه الثاني من وجهي (كان) أن تكون التامة، و {كَيْفَ} على هذا حال، و {أَنّا دَمَّرْناهُمْ} بالكسر مستأنف، وبالفتح، فالمصدر المؤول من (أنّ) واسمها، وخبرها على ما تقدم في محله من اعتبارات. إلا في كونها خبرها، انتهى. أبو البقاء بتصرف كبير مني. هذا؛ وأجاز ابن هشام في المغني في {كانَ} ثلاثة أوجه: نقصان {كانَ،} وتمامها، وزيادتها، وقال: إلا أن الناقصة لا تكون شأنية لأجل الاستفهام، ولتقدم الخبر، و {كَيْفَ} حال على التمام، وخبر ل‍: {كانَ} على النقصان، وللمبتدأ على الزيادة. انتهى. أقول: وتبقى الاعتبارات المذكورة في {أَنّا دَمَّرْناهُمْ..}. إلخ على حالها.

و {عاقِبَةُ:} مضاف، و {مَكْرِهِمْ:} مضاف إليه، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر الميمي لفاعله، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>