للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسبب عن الوعد، الذي هو الضمان في الخير، وأما {ثُمَّ} فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع، لا لتراخي وقته عن وقته. انتهى.

{وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)}

الشرح: {وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ} أي: ينادي الله يوم القيامة هؤلاء المشركين الذين اتخذوا الحجارة آلهة من دون الله، فيقول: {أَيْنَ شُرَكائِيَ} أي: يقول الله لهم يوم القيامة على سبيل التقريع، والتأنيب: أين شركائي في الألوهية {الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ:} أنهم آلهة، وأنهم ينصرونكم ويشفعون لكم. هذا؛ وأطلق الله على الأصنام اسم الشركاء لأمرين: أحدهما: أن المشركين يشركونها مع الله في العبادة، والتعظيم، والتقديس، وثانيهما: أنهم يشركونها معه في الأموال، والأنعام، والزروع، وانظر الآية رقم [١٣٨] من سورة (الانعام) وما بعدها.

هذا؛ وماضي: {تَزْعُمُونَ:} زعم. قال الشيخ مصطفى الغلاييني-رحمه الله تعالى-:

الغالب في «زعم» أن تكون للظن الفاسد، وهو حكاية قول، يكون مظنة للكذب، فيقال فيما يشك فيه، أو فيما يعتقد كذبه، ولذلك يقولون: «زعم» مطية الكذب، أي: هذه الكلمة مركب للكذب، ومن عادة العرب: أن من قال كلاما، وكان عندهم كاذبا؛ قالوا: زعم فلان، ولهذا جاء في القرآن الكريم في كل موضع ذمّ القائلون به، وقد يراد الزعم بمعنى القول مجردا عن معنى الظن الراجح أو الفاسد، أو المشكوك فيه، فإن كانت زعم بمعنى: تأمّر، وترأّس، أو بمعنى: كفل به؛ تعدت إلى واحد بحرف الجر، تقول: زعم على القوم، فهو زعيم، أي: تأمّر عليهم، وترأّسهم، وزعم بفلان أو بالمال، أي: كفله، وضمنه. وتقول: زعم اللبن؛ أي: أخذ يطيب. انتهى.

وقال الأشموني: وإن كانت بمعنى: سمن، أو: هزل؛ فهي لازمة. هذا؛ وأقول: إن «زعم» من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ، وخبر إن كان من أفعال الرجحان، والأكثر أن يسد مسدهما: «أن» واسمها وخبرها مخففة من الثقيلة أو غيرها، نحو قوله تعالى:

{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا،} وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ..}. إلخ، وانظر شواهد ذلك في كتابنا فتح رب البرية، والقليل أن تنصب مفعولين صريحين، وهو ناقص التصرف لا يأتي منه غير الماضي، والمضارع.

الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف عطف. (يوم): معطوف على {يَوْمَ الْقِيامَةِ،} أو هو مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكر يوم. {يُنادِيهِمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى (الله) تعالى، والهاء مفعول به. والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {فَيَقُولُ:} الفاء: حرف عطف، وتفسير. (يقول): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا. {أَيْنَ:} اسم استفهام توبيخي إنكاري، مبني على الفتح في في محلّ نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>