إذا وعدت شرّا أتى قبل وقته... وإن وعدت خيرا فراث وعتّما
كما يستعمل «أوعد» فيهما أيضا، كقولك:(أوعدت الرجل خيرا، وأوعدته شرّا) هذا؛ والمركز في الطبائع: أن من مكارم الأخلاق، وجميل العادات: أنك إذا وعدت غيرك أن تنزل به شرا؛ كان الخلف محمدة، وإذا وعدته خيرا؛ كان الخلف منقصة. وهذا ما أراده طرفة في بيته المتقدم. هذا؛ والثابت عند الأشاعرة: أنه يجوز إخلاف الوعيد في حقه تعالى كرما. وعند الماتريدية لا يجوز. وأما الوعد؛ فلا يجوز الخلف في حقه تعالى اتفاقا، دليل الأشاعرة قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من وعده الله على عمل ثوابا؛ فهو منجز له، ومن أوعده على عمل عقابا؛ فهو بالخيار، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه». وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٤] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
الإعراب:{أَفَمَنْ:} الهمزة: حرف استفهام، وإنكار، واستبعاد. الفاء: حرف استئناف، أو هي حرف عطف. (من): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ.
{وَعَدْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية صلة:(من) أو صفتها. {وَعْداً:} مفعول مطلق. {حَسَناً:} صفة له. {فَهُوَ:} الفاء: حرف عطف وسبب. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {لاقِيهِ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية هذه معطوفة على فحوى ما قبلها. {كَمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة مثل سابقتها، وجملة:{مَتَّعْناهُ} صلة (من)، أو صفتها. {مَتاعَ:} مفعول مطلق، وهو مضاف، و {الْحَياةِ} مضاف إليه. {الدُّنْيا:} صفة:
{الْحَياةِ} مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف. {ثُمَّ:} حرف عطف. {فَهُوَ:}
مبتدأ. {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بما بعده، على أن (ال) ليست موصولة، أو هي موصولة، واتسع فيه على القاعدة:«يتوسع في الظرف والجار والمجرور ما لا يتوسع في غيرهما»، أو هو متعلق بمحذوف يفسره {الْمُحْضَرِينَ} وانظر الآية رقم [٤٢] و {يَوْمَ} مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه. {مِنَ الْمُحْضَرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{هُوَ يَوْمَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، والجملة الاسمية {أَفَمَنْ وَعَدْناهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، أو هي معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: أيستوي المؤمن الموعود بالخير العميم، والكافر الموعود بالعذاب الأليم؟! وهذا الكلام كله مستأنف لا محل له.
تنبيه: قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: فسر لي الفاءين، و {ثُمَّ،} وأخبرني عن مواقعها، قلت: قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا، وما عند الله، وتفاوتهما ثم عقبه بقوله:{أَفَمَنْ وَعَدْناهُ} على معنى: أبعد هذا التفاوت الظاهر، يسوّى بين أبناء الآخرة، وأبناء الدنيا، فهذا بيان معنى الفاء الأولى وبيان موقعها. وأما الثانية فللتسبب؛ لأن لقاء الموعود