الشرح:{وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:} ملكا، وخلقا، وعبيدا. وفيه تغليب غير العاقل على العاقل؛ لأنه أكثر كما هو مشاهد، وفيه إشارة إلى كمال قدرته، وسعة سلطانه.
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا:} بعقاب ما عملوا من السوء، أو بمثله، أو بسبب ما عملوا من السوء. {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} أي: بالمثوبة الحسنى، وهي الجنة، و (الحسنى) مؤنث:
«الأحسن» الذي هو أفعل تفضيل، لا مؤنث «أحسن» المقابل لامرأة حسناء، و (الحسنى) بالضم ضد «السوأى» والجمع: الحسن، والحسنيات، ولا يجوز النطق به إلا معرفا، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَلِلّهِ:}(الواو): حرف استئناف. (لله): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَما فِي الْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله عطف مفرد على مفرد، وإن قدرت:«لله» قبله محذوفا، فيكون العطف عطف جملة على جملة. {لِيَجْزِيَ:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره:«هو» يعود إلى (الله)، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بما دل عليه معنى الملك في قوله:{وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ..}. إلخ. وقيل: متعلقان بما دل عليه {أَعْلَمُ} وعليه فالجملة الاسمية: {وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ} معترضة مقررة لما قبلها، فإن كون الكل مخلوقا لله تعالى يقرر علمه بأحوالهم، كأنه قيل: فيعلم ضلال من ضل، واهتداء من اهتدى، فيحفظهما؛ ليجزي... إلخ. هذا؛ واعتبر الزمخشري اللام للصيرورة والعاقبة؛ أي: عاقبة أمرهم جميعا للجزاء بما عملوا. انتهى. جمل نقلا عن السمين.
{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {أَساؤُا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها.
{بِما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: (يجزي)، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو بشيء عملوه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول بما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بعملهم. {وَيَجْزِيَ:} الواو: حرف عطف.
(يجزي): معطوف على ما قبله فهو منصوب مثله، والفاعل يعود إلى الله أيضا. {الَّذِينَ:} مفعول به، وجملة:{أَحْسَنُوا} صلة الموصول، لا محل لها. {بِالْحُسْنَى:} جار ومجرور متعلقان بالفعل (يجزي) وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر.