للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)}

الشرح: {يَوْمَ نَبْطِشُ..}. إلخ: البطش الأخذ بقوة، وعنف. وبطشت اليد: إذا عملت، فهي باطشة، قال عمرو بن كلثوم التغلبي في معلقته رقم [١٠٧]: [الوافر]

لنا الدّنيا ومن أضحى عليها... ونبطش حين نبطش قادرينا

والبطشة الكبرى المراد بها: يوم بدر في قول ابن مسعود، وهو قول ابن عباس، وأبي بن كعب، ومجاهد، والضحاك. وقيل: عذاب جهنم يوم القيامة، قاله الحسن، وعكرمة، وابن عباس أيضا. وقال الرازي: القول الثاني أصح؛ لأنّ يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ، الذي يوصف به هذا الوصف العظيم، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة، ولما وصف بكونها كبرى؛ وجب أن تكون أعظم أنواع البطش على الإطلاق، وذلك إنما يكون في القيامة. انتهى. صفوة التفاسير.

الإعراب: {يَوْمَ:} مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكر، أو هو ظرف لهذا المقدر، أو هو مفعول به لفعل محذوف دلّ عليه: {مُنْتَقِمُونَ}. وقيل: هو بدل من {يَوْمَ تَأْتِي،} والأول أقوى. {نَبْطِشُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: {يَوْمَ} إليها. {الْبَطْشَةَ:} مفعول به. وقيل: مفعول مطلق. {الْكُبْرى:} صفة:

{الْبَطْشَةَ} منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {إِنّا مُنْتَقِمُونَ:} تقدّم مثلها، والجملة مستأنفة، ومبنية لقدرة الله تعالى على الانتقام.

{وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧)}

الشرح: {وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ:} امتحناهم، واختبرناهم بإرسال موسى، وأخيه هارون إليهم. قال الجمل: أي: فعلنا بهم فعل الممتحن، وهو المختبر الذي يريد أن يعلم بحقيقة الشيء، وذلك الامتحان كان بزيادة الرزق، والتمكين في الأرض، وإرسال الرسل، فقوله: {وَجاءَهُمْ..}. إلخ من جملة ما امتحنوا به. انتهى. نقلا من الخطيب. وقوله: قبلهم؛ أي:

قبل هؤلاء؛ ليكون ما مضى من خبرهم عبرة لهم، و {كَرِيمٌ} أي: على الله تعالى، أو على المؤمنين، أو في نفسه لشرف نسبه، وفضل حسبه.

الإعراب: {وَلَقَدْ فَتَنّا:} انظر الآية رقم [٤٦] من سورة (الزخرف) ففيها الإعراب واف كاف. {قَبْلَهُمْ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {قَوْمَ:}

مفعول به، وهو مضاف، و {فِرْعَوْنَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {وَجاءَهُمْ:} الواو: حرف عطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>