للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «يخرج عنق من النّار يتكلّم: يقول: وكّلت اليوم بثلاثة: بكلّ جبّار عنيد، ومن جعل مع الله إلها آخر، ومن قتل نفسا بغير حقّ، فينطوي عليهم، فيقذفهم في حمراء جهنّم». رواه الإمام أحمد في مسنده.

الإعراب: {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الذم بفعل محذوف، أو على البدل من: {كُلَّ}. أو في محل جر بدلا من: {كَفّارٍ}. أو في محل رفع مبتدأ، وجملة: {فَأَلْقِياهُ} في محل رفع خبره، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم. {جَعَلَ:} ماض، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} وهو العائد. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بمحذوف حال من: {إِلهاً} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، و {مَعَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {إِلهاً:} مفعول به. {آخَرَ:} صفة له، وجملة: {جَعَلَ..}. إلخ، صلة الموصول، لا محلّ لها. {فَأَلْقِياهُ:} الفاء: هي الفصيحة على الاعتبارات الأولى في الموصول، وزائدة على اعتبار الموصول مبتدأ. (ألقياه): إعرابه مثل سابقه، والهاء مفعول به. {فِي الْعَذابِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الشَّدِيدِ:} صفة: {الْعَذابِ،} والجملة الفعلية لا محلّ لها على اعتبار الفاء الفصيحة، وفي محل رفع خبر الموصول على اعتباره مبتدأ.

{قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧)}

الشرح: {قالَ قَرِينُهُ} يعني: الشيطان الذي قيض لهذا الكافر. {رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} أي: ما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى، واختار الضلالة على الهدى. وقيل: هذا جواب لكلام مقدر، وهو: أن الكافر حين يلقى في النار يقول: ربي أطغاني شيطاني، فيقول الشيطان: {رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ،} وما أضللته، وما أغويته! وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف، حكاه المهدوي. وحكى الثعلبي: قال ابن عباس، ومقاتل: قرينه: الملك، وذلك أنّ الوليد بن المغيرة-الذي قيل: إنّ الايات نزلت فيه- يقول للملك الذي كان يكتب سيئاته: رب إنه أعجلني، فيقول الملك: ربنا ما أطغيته-أي: ما أعجلته. وقال سعيد بن جبير: يقول الكافر: ربي إنه زاد عليّ في الكتابة. فيقول الملك: ربنا ما أطغيته؛ أي: ما زدت عليه في الكتابة، والمعتمد الأول. والله ولي التوفيق، ويوضحه الاية رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أي: عن الرشد، والحق، والصواب. والضلال مصدر «ضل» الثلاثي، والإضلال مصدر الرباعي، فهو مستعار من ضلال من أبعد في التيه ضلالا. أو هو مجاز عقلي، على حد جدّ جدّه؛ لأن البعيد في الحقيقة إنما هو الضال؛ لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به قوله. هذا؛ وإنما أخليت هذه الجملة عن الواو دون الأولى؛ لأنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>