للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك، ولا مال أبيك، فقال: «صدقت! ليس المال مالي، ولا مال أبي، وإنما هو مال الله، ولكن يا أعرابيّ يجب أن أقتصّ منك قبل أن أعطيك!». فقال: لا ورب محمد! فقال: «ولم؟». قال:

لأني أعلم أنك لا تقابل السيئة بالسيئة، ولكن تقابل السيئة بالحسنة! فتبسم صلّى الله عليه وسلّم، وأمر له بعطاء.

وقد ترك لنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم نبذة من أحاديثه الشريفة تحث على التحلّي بمكارم الأخلاق، من ذلك ما رواه أبو الدرداء-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء». أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

وعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم، والقائم». رواه أبو داود، وعنها أيضا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وألطفهم بأهله». أخرجه الترمذي، والحاكم، وقال الترمذي: حديث حسن.

وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن جبريل عليه السّلام، عن رب العزة قال: «إنّ هذا دين ارتضيته لنفسي، ولن يصلح له إلاّ السخاء، وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه». رواه الطبراني في الأوسط. والأحاديث في ذلك كثيرة مسطورة في:

«الترغيب والترهيب» وغيره، والشعر العربي طافح بذلك. ويجدر بي أن أقول: إن التحلّي بمكارم الأخلاق له محال، ومواضع، والسفه، والطيش، والجهل، له محال، ومواضع، فالرسول صلّى الله عليه وسلّم عفا عمن يستحق العفو، والتسامح. وقتل أبا عزة الجمحي، والنضر بن الحارث لعدم استحقاقهما العفو، والتسامح، وقد أعجب صلّى الله عليه وسلّم كل الإعجاب بقول النابغة الجعدي، ودعا له بقوله: «لا يفضض الله فاك». وهو ما يلي: [الطويل]

ولا خير في حلم إذا لم يكن له... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

الإعراب: {وَإِنَّ:} (الواو) حرف عطف. (إنّ): حرف مشبه بالفعل. {لَكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) مقدم. {لَأَجْراً:} (اللام): لام الابتداء. (أجرا): اسم (إنّ) مؤخر.

{غَيْرَ:} صفة (أجرا) وهو مضاف، و {مَمْنُونٍ} مضاف إليه، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَإِنَّكَ:} الواو: حرف عطف. (إنك): حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها.

{لَعَلى:} (اللام): هي المزحلقة. (على خلق): متعلقان بمحذوف خبر (إنّ). {عَظِيمٍ:} صفة (خلق) والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا؛ لأن الجمل الثلاث جواب القسم.

{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)}

الشرح: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ:} المعنى فستعلم يا محمد، ويعلمون؛ أي: كفار قريش. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-وهذا حين يرون العذاب، ويتميز الحق من الباطل. وقيل: في

<<  <  ج: ص:  >  >>