مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {مِنَ الْعالَمِينَ:}
جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {أَحَدٍ،} والجملة الفعلية: {ما سَبَقَكُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، أو من {الْفاحِشَةَ} نفسها، والرابط: الضمير على الاعتبارين.
هذا؛ وقد قيل: إنها مستأنفة، لا محل لها، وجملة: «اذكر لوطا» أو «وأرسلنا لوطا» المقدرة معطوفة على ما قبلها، ومتضمنة عطف قصة لوط على قصة نوح وهود وصالح على نبينا وعليهم جميعا ألف ألف ألف تحية وسلام وصلاة.
{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١)}
الشرح: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ..}. إلخ: هذا من قول لوط-عليه السّلام-لقومه مخاطبا لهم.
وانظر (أتى) في الآية رقم [٣٥]. {الرِّجالَ:} جمع: رجل، وهو مأخوذ من الرجولة، وهي البطولة، والشجاعة، والقوة، وغير ذلك. {مِنْ دُونِ:} انظر الآية رقم [٣]. {شَهْوَةً:} قال البيضاوي: وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمة الصرفة، وتنبيه على أنه ينبغي للعاقل أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد، وبقاء النوع، لا قضاء الوطر.
قال عمرو بن دينار-رحمه الله تعالى-ما زنى ذكر على ذكر في الدنيا إلا كان من قوم لوط.
هذا؛ وقد لعن الرسول صلّى الله عليه وسلّم من عمل عمل قوم لوط، كما لعن من أتى امرأته في دبرها أيضا.
{النِّساءِ:} أصله: النساي، تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة والياء المنقلبة ألفا، فأبدلت الثانية همزة. هذا؛ ونساء: اسم جمع لا واحد له من لفظه؛ لأن مفرده: امرأة، وتجمع المرأة أيضا على: نسوة بضم النون وكسرها، ونسوان بكسر النون، ونسون ونسنين، وهذه الجموع كلها مأخوذة من النسيان الذي رأيته في الآية رقم [٥/ ١٤] فهي مطبوعة عليه، إما إهمالا وإما كذبا.
هذا؛ والمرأة مشتقة من المرء، وهو الرجل؛ لأنها خلقت منه. {قَوْمٌ:} انظر الآية رقم [٣٢].
{مُسْرِفُونَ:} مجاوزون الحلال إلى الحرام وانظر الآية رقم [٦/ ١٤١] وإنما ذمهم الله بهذا العمل الخبيث؛ لأن الله خلق الإنسان وركب فيه الشهوة لبقاء النسل وعمران الدنيا، وجعل النساء محلاّ للشهوة، وموضع النسل، فإذا تركهن الرجل وعدل عنهن إلى غيرهم من الرجال، فكأنما قد جاوز الحد واعتدى؛ لأنه وضع الشيء في غير موضعه الذي خلق له؛ لأن أدبار الذكور ليست محلاّ للولادة، التي هي مقصودة بتلك الشهوة المركبة في الإنسان.
وكانت قصة قوم لوط على ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره من أهل الأخبار والسير: أنه كانت قرى قوم لوط مخصبة ذات زروع، وثمار، لم يكن في الأرض مثلها، فقصدهم الناس، فآذوهم، وضيقوا عليهم، فعرض لهم إبليس في صورة شيخ، وقال لهم: إذا فعلتم بهم كذا وكذا