الشرح:{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ} أي: عاونوا قريشا، وحلفاءها من غطفان، وغيرها. {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ:} وهم بنو قريظة. {مِنْ صَياصِيهِمْ} أي: حصونهم، واحدها: صيصة، قال عبد بني الحسحاس:[الطويل] فأصبحت الثّيران صرعى وأصبحت... نساء تميم يبتدرن الصّياصيا
ومنه قيل لشوكة الحائك؛ التي يسوي بها السّداة واللّحمة: صيصة. قال دريد بن الصمة:[الطويل] فجئت إليه والرّماح تنوشه... كوقع الصّياصي في النسيج الممدّد
ومنه: صيصة الديك التي في رجله. وصياصي البقر: قرونها؛ لأنها تمتنع بها، وربما كانت تركب في الرماح مكان الأسنة، ويقال: جذّ الله صئصئه؛ أي: أصله. {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ:} الخوف. {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ:} يعني الرجال، يقال: كانوا ستمائة. {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً:}
يعني: النساء، والذراري. يقال: كانوا سبعمائة وخمسين.
روي أن جبريل عليه السّلام أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب، ورجع المسلمون إلى المدينة، ووضعوا سلاحهم. أتى على فرسه الحيزوم، والغبار على وجه الفرس، وعلى السرج، فقال: ما هذا يا جبريل؟! قال: من متابعة قريش، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح الغبار عن وجه الفرس، وعن سرجه. فقال: يا رسول الله! إن الملائكة لم تضع السلاح، إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة، وأنا عامد إليهم، فإن الله داقّهم دقّ البيض على الصفا، وإنهم لكم طعمة. فأذّن في الناس: أن من كان سامعا مطيعا، فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة، فما صلى كثير من الناس العصر إلا بعد العشاء الآخرة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة؛ حتى جهدهم الحصار، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«تنزلون على حكمي؟» فأبوا، فقال:«على حكم سعد بن معاذ؟» فرضوا به، فقال سعد رضي الله عنه:
حكمت فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فكبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال:«لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة». ثم استنزلهم، وخندق في سوق المدينة خندقا، وقدمهم،