للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧)}

الشرح: {أُولئِكَ} أي: المرتدّون عن الإسلام؛ الّذين مرّ ذكرهم فيما سبق. {جَزاؤُهُمْ} أي:

الذي يستحقونه فيما سبق من كفرهم، وانظر شرح باقي الكلمات فيما تقدّم قريبا من هذه السورة.

الإعراب: {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له. {جَزاؤُهُمْ:} مبتدأ ثان. {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {أَنَّ} تقدّم على اسمها. {لَعْنَةَ:} اسمها المؤخر، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، و {أَنَّ} واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع خبر: {جَزاؤُهُمْ} والجملة الاسمية في محل رفع خبر: {أُولئِكَ} والجملة الاسمية هذه مستأنفة لا محل لها، هذا وأجيز اعتبار: {جَزاؤُهُمْ} بدلا من: {أُولئِكَ} بدل الاشتمال، فيكون المصدر خبرا عنه. وفيه ضعف ظاهر وانظر الآية رقم [١٣٦] الآتية.

{وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ:} معطوفان على لفظ الجلالة. {أَجْمَعِينَ:} تأكيد ل‍ ({النّاسِ}) على لفظه.

{خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨)}

الشرح: {خالِدِينَ فِيها:} الخلود: الدّوام، والمراد عدم الخروج أبدا. {فِيها} أي: في اللّعنة المذكورة، أو النار المدلول عليها باللّعنة. والإضمار قبل الذّكر تفخيما لشأنها، وتهويلا لعظمهما، أو اكتفاء بدلالة اللّعنة عليها، وكثيرا ما وقع في القرآن: {خالِدِينَ فِيها} وهو عائد على النار. {يُنْظَرُونَ:} يمهلون، أو: لا ينظر إليهم نظر رحمة. قال تعالى في سورة (الزخرف):

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}.

هذا؛ وقال الإمام الفخر الرازي-رحمه الله تعالى-: قال قوم: إنّ عذاب الله للكافرين منقطع، وله نهاية، واستدلّوا بقوله تعالى: {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً} وبأنّ معصية الظالم متناهية، فالعقاب بما لا يتناهى ظلم. والجواب: أن قوله: {أَحْقاباً} لا يقتضي بأنّ له نهاية؛ لأنّ العرب يعبّرون به، وبنحوه عن الدّوام. ولا ظلم في ذلك؛ لأنّ الكافر كان عازما على الكفر ما دام حيّا، فعوقب دائما، ولم يعاقب بالدّائم إلا على دائم، فلم يكن عذابه إلا جزاء وفاقا.

الإعراب: {خالِدِينَ:} حال مقدّرة من الضمير المجرور في الآية السّابقة، وهو عائد على واو الجماعة، منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة... إلخ، وفاعله مستتر فيه. {فِيها:}

جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {لا:} نافية. {يُخَفَّفُ:} فعل مضارع مبني للمجهول.

{عَنْهُمُ:} متعلقان بما قبلهما. {الْعَذابُ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال أخرى من الضمير المجرور، وهي حال مؤكدة للحال المقدرة، والرابط: الضمير فقط. وقال أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>