للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعليلية، لا محل لها على الاعتبارين. وهذا الإعراب مأخوذ من إعراب ابن هشام لقوله تعالى:

{فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ} وهي الآية رقم [٨٨] من سورة (البقرة).

{إِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩)}

الشرح: {إِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها:} لا شك في مجيئها لوضوح الدلالة على جوازها، وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها؛ لأنه لا بد من جزاء؛ لئلا يكون خلق الخلق للفناء خاصة. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ:} لا يصدقون بها، ولا يعترفون، ولا يقرون بوقوعها لقصور نظرهم على ظاهر ما يحسون به، كما قال تعالى في سورة (الروم) رقم [٧]: {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ}. قال الفخر الرازي: والمراد بأكثر الناس: الكفار الذين ينكرون البعث، والقيامة. انتهى. صفوة التفاسير. أقول: والأكثرية الساحقة من المسلمين في هذه الأيام لا يصدقون بيوم القيامة، ولا يقرون بوقوعه، وأكبر شاهد على ذلك أعمالهم الخبيثة، وأفعالهم الشنيعة؛ التي قد لا يقدم عليها كثير من الكفار. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٩] من سورة (الزمر). هذا؛ و (الريب): الشك، تقول: رابني هذا الأمر: أوقعني في شك، وحقيقة الريبة: قلق النفس، واضطرابها. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». خرجه الترمذي، والنسائي، عن الحسن بن علي-رضي الله عنهما-.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {السّاعَةَ:} اسمها. {لَآتِيَةٌ:} اللام: هي المزحلقة. (آتية): خبر {إِنَّ،} وفاعله مستتر فيه. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل {إِنَّ}.

{رَيْبَ:} اسم مبني على الفتح في محل نصب اسم {لا}. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {لا،} والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان ل‍: {إِنَّ،} واعتبارها في محل نصب حال من الضمير المستتر في: (آتية) غير مستبعد. والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَلكِنَّ:} الواو: حرف عطف. (لكن): حرف مشبه بالفعل. {أَكْثَرَ:} اسم (لكنّ)، و {أَكْثَرَ} مضاف، و {النّاسِ} مضاف إليه، وجملة: {لا يُؤْمِنُونَ} مع المتعلق المحذوف في محل رفع خبر (لكنّ)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{وَقالَ رَبُّكُمُ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠)}

الشرح: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ:} وحدوني، واعبدوني؛ أتقبل عبادتكم، وأغفر لكم ذنوبكم. وقيل: هو الذكر، والدعاء، والسؤال. وهو الموافق لصريح اللفظ، ولما روى النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الدّعاء هو

<<  <  ج: ص:  >  >>