سورة (النّساء) رقم [١٥٧]: {وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك.
ومنع الله عيسى منهم، ورفعه إليه، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم، والمشرب، وطار مع الملائكة، فهو معهم حول العرش، وصار إنسيّا ملكيّا أرضيّا سماويّا؛ حتّى ينزل آخر الزمان.
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم، حكما، عدلا، مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال؛ حتّى لا يقبله أحد». زاد في رواية: «حتى تكون السّجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها». ثم قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} متفق عليه.
الإعراب: {وَمَكَرُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها. {وَاللهُ:} الواو: واو الحال.
{اللهُ:} مبتدأ. {خَيْرُ:} خبره، وهو مضاف، و {الْماكِرِينَ:} مضاف إليه مجرور... إلخ، والجملة الاسمية في في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، ولفظ الجلالة، الذي أعيد للتفخيم، والتعظيم.
{إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اِتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)}
الشرح: {إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ:} اختلف المفسّرون في هذه الوفاة، فقال جماعة، منهم: قتادة، والضحاك، والفرّاء: هذا من المقدّم، والمؤخّر. تقديره: إني رافعك إليّ، ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء في آخر الزمان، كقوله تعالى في سورة (طه): {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى} إذ التقدير: ولولا كلمة سبقت من ربّك، وأجل مسمّى؛ لكان لزاما. ومثل ذلك قول الأحوص-وهو الشاهد رقم [٦٦٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الوافر]
ألا يا نخلة من ذات عرق... عليك ورحمة الله السّلام
وأيضا قول حسّان-رضي الله عنه-يهجو أبا سفيان وزوجه هندا بعد موقعة أحد: [الكامل]
لعن الإله وزوجها معها... هند الهنود طويلة البظر
وقال الحسن، وابن جريج: معنى {مُتَوَفِّيكَ:} قابضك، ورافعك إلى السماء من غير موت، مثل: توفّيت مالي من فلان، أي: قبضته. وقال وهب بن منبه: توفّاه الله ثلاث ساعات