للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الأعراف) ففيها بحث جيد. {حَسْبُكَ اللهُ}: مبتدأ وخبر، وانظر الآية السابقة، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {وَمَنِ}: الواو: حرف عطف. (من): اسم موصول مبني على السكون فيه ثلاثة أوجه:

الأول: النصب فمن وجهين، إما أن يكون مفعولا معه، أو مفعولا به على تقدير فعل:

(يحسب)، وهو الصحيح لأنه لا يعمل في المفعول معه، إلا ما كان من جنس ما يعمل في المفعول به، ويكون العطف من قبيل الجملة الفعلية على الاسمية.

الثاني: الجر إما بالعطف على الضمير المجرور محلاّ بالإضافة، من غير إعادة الجار، وهو جائز عند يونس، والأخفش، والكوفيين، وهو اختيار ابن مالك، أو على إضمار حسب أخرى، وهو الصواب عند ابن هشام، وأيضا هو مذهب أكثر البصريين القائلين بمنع العطف في الصورة المذكورة، وأجاز السيوطي أن تكون الواو واو القسم.

الثالث: الرفع بالعطف على الاسم المرفوع بتقدير المضاف، أي: وحسب من اتبعك، ثم حذفت حسب، وخلفها المضاف إليه. وقيل: {وَمَنِ}: معطوف على {اللهُ،} وهو لا يحسن معنى، كما لا يحسن قولهم: ما شاء الله وشئنا، وقيل: هو خبر مبتدأ محذوف، التقدير:

وحسبك من اتبعك، وقيل: هو مبتدأ، والخبر محذوف، التقدير: ومن اتبعك من المؤمنين كذلك. هذا؛ ومثل الآية الكريمة قول الشاعر: [الطويل]

إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا... فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد

فإن قوله: (والضحاك) يروى بنصب الكاف وجرها ورفعها، وهذا هو الشاهد رقم [٩٦٧] من كتابنا فتح القريب المجيب. {اِتَّبَعَكَ}: ماض، والفاعل يعود إلى من، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: متعلقان بالفعل قبلهما. أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، و {مَنِ} بيان لما أبهم في (من).

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (٦٥)}

الشرح: {النَّبِيُّ}: انظر الآية رقم [١] {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ}: حثهم وحضهم عليه، هذا؛ والحرض الهلاك والضعف والهزال بسبب هم وغم، قال تعالى حكاية عن قول أولاد يعقوب لأبيهم {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ}.

والحض، والتحريض: الحث على الشيء بكثرة تزيينه وتسهيله للإنسان، {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>