للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ: قال القرطبي: لفظه خبر ضمنه وعد بشرط. انتهى؛ لأن معناه: إن يصبر منكم عشرون في القتال ويثبتوا في الميدان يغلبوا مائتين من أعدائهم بعون الله وتأييده، وإنما حسن هذا التكليف؛ لأن الله وعدهم بالنصر، ومن تكفل الله له بالنصر سهل عليه الثبات مع الأعداء، هذا؛ وقرئ «(حرص)» بالصاد من الحرص... {لا يَفْقَهُونَ}: لا يفهمون، فهم جهلة بالله واليوم الآخر، لا يثبتون في المعارك ثبات المؤمنين، رجاء الثواب، ورفيع الدرجات قتلوا أو قتلوا، لا يستحقون من الله إلا الخزي والخذلان والهوان، هذا؛ وانظر {لا يَفْقَهُونَ} في الآية رقم [١٧٩] من سورة (الأعراف)، فإنه جيد.

فائدة: قال سليمان الجمل: وقعت مادة الكون هنا خمس مرات، آخرها قوله: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى} وحاصل ما يتعلق بها من القراءات: أن الأول، والرابع بالياء التحتية لا غير، وأن الثاني، والثالث، والخامس بالياء والتاء.

فائدة: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: عشرون، وثلاثون، وأربعون، كل واحد منها موضوع على صورة الجمع لهذا العدد، فإن قال قائل: لم كسر أول عشرين، وفتح أول ثلاثين، وما بعده، إلى ثمانين إلا ستين؟ فالجواب عند سيبويه: أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد، فكسر أول عشرين كما كسر أول اثنان، والدليل على هذا قولهم: ستون وتسعون، كما قيل: ستة وتسعة. انتهى. احفظه فإنه جيد.

الإعراب: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ}: انظر الآية السابقة. {حَرِّضِ}: أمر، وفاعله أنت مستتر فيه.

{الْمُؤْمِنِينَ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {عَلَى الْقِتالِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:

{حَرِّضِ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {إِنْ}: حرف شرط جازم. {يَكُنْ}: مضارع ناقص فعل الشرط. {مِنْكُمْ}: متعلقان بمحذوف خبر {يَكُنْ} تقدم على اسمه. {عِشْرُونَ}: اسم {يَكُنْ} مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {تَصْبِرُونَ}: صفة {عِشْرُونَ} مرفوع مثله، هذا؛ وإن اعتبرت {يَكُنْ} تامّا، فالجار والمجرور {مِنْكُمْ} متعلقان به، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {عِشْرُونَ} كان صفة، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا»، وعلى الوجهين فالجملة فعلية، وهي لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {يَغْلِبُوا}: مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا بإذا الفجائية. {مِائَتَيْنِ}: مفعول به منصوب... إلخ، هذا؛ وأرى: أن الجملة الشرطية {إِنْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>