{جُناحَ:} اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: (لا). {فِيما:} جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. {فَعَلْنَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: في الّذين، أو: في شيء فعلنه. {فِي أَنْفُسِهِنَّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.
{بِالْمَعْرُوفِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، والجملة الاسمية: {فَلا جُناحَ..}. إلخ، جواب: (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ:} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية السابقة، والجملة الاسمية هذه مستأنفة لا محل لها.
{وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)}
الشرح: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ:} لا إثم، ولا مؤاخذة عليكم. {فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ:} وهن في عدّة الوفاة، أو في عدّة الطلاق البائن، وهو مباح في العدّة، وهو أن يقول لها: إنّك لجميلة، وإنّك لصالحة، ومن يجد مثلك؟ وإني أريد أن أتزوج، وإنّي فيك لراغب، وأرجو أن يرزقني الله امرأة صالحة، ونحو ذلك من الكلام الموهم من غير تصريح، بأن يقول:
إنّي أريد أن أتزوّجك. وخطبة النساء بكسر الخاء. وبضمها: الموعظة، والإرشاد، والنصيحة.
هذا؛ والتعريض للمعتدّة الرّجعية لا يجوز. {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} أي: أضمرتم، وسترتم، وأخفيتم في أنفسكم رغبتكم في نكاح المعتدّات من وفاة، أو من طلاق بائن.
هذا؛ والفرق بين الكناية، والتعريض واضح: في الكناية: أن تذكر الشيء بغير لفظه، الموضوع له، كقولك: طويل النّجاد، والحمائل لطويل القامة. وكثير الرّماد، وجبان الكلب، ومهزول الفصيل؛ للمضياف. والتّعريض: أن تذكر شيئا تدل به على شيء، لم تذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك؛ لأسلّم عليك، ولأنظر إلى وجهك الكريم. ولذا قالوا: [الطويل]
وحسبك بالتّسليم منّي تقاضيا
وكأنه إمالة الكلام إلى عرض، يدل على العرض، ويسمّى التلويح؛ لأنه يلوح منه ما يريده.
{عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ:} لا محالة، ولا تنفكّون عن النّطق برغبتكم فيهنّ، ولا تصبرون عنه، وفيه طرف من التّوبيخ، مثل قوله تعالى: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ}. هذا؛ وشهوة النفس، والتّمني، لا يخلو منها أحد، فلمّا كان هذا الخاطر كالشّيء السّاقط؛ أسقط عنه الحرج.