للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم. وكانوا يظهرون للمؤمنين خوفا شديدا من الله، فلا يرد كيف يستقيم التفضيل بأشدية الرهبة مع أنهم لا يرهبون من الله؛ لأنهم لو رهبوا منه لتركوا الكفر والنفاق. انتهى. كرخي، وهذا مما يؤيد: أن المراد المنافقون. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٧٧] في حقهم: {فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}.

{ذلِكَ} أي: الخوف الشديد من المؤمنين، وعدم خوفهم من الله. {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ:} لا يعلمون قدرة الله، وعظمته حتى يخشوه حق خشيته. هذا؛ والفقه في اللغة: الفهم، والعلم بالشيء، ثم صار علما على اسم العلم في الدين لشرفه على غيره من العلوم. يقال: فقه الرجل يفقه فهو فقيه:

إذا فهم، والفعل من باب: فهم الذي هو بمعناه، وفقه من باب: ظرف، وكرم: صار فقيها.

الإعراب: {لَأَنْتُمْ:} (اللام): لام الابتداء. (أنتم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَشَدُّ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، أو مبتدأة لا محل لها على الاعتبارين. {رَهْبَةً:} تمييز. {فِي صُدُورِهِمْ:} متعلقان ب‍: {رَهْبَةً؛} لأنه مصدر، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍: {أَشَدُّ} وتعليقهما ب‍: {رَهْبَةً} جيد أيضا.

{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {بِأَنَّهُمْ:} (الباء): حرف جر. (أنّهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها.

{قَوْمٌ:} خبرها، وجملة: {لا يَفْقَهُونَ} في محل رفع صفة {قَوْمٌ،} وهي صفة موطئة، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {ذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤)}

الشرح: {لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً:} الخطاب للمؤمنين، والمعنى لا يقاتلكم اليهود مجتمعين، أو لا يقاتلكم اليهود، والمنافقون مجتمعين متعاونين. {إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ} أي: في قرى محاطة بالحصون، والقلاع، والخنادق. {أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ:} أو يقاتلونكم من وراء الجدران، والحيطان؛ ليحتموا بها، وذلك لفرط جبنهم، وهلعهم، والرعب في قلوبهم. {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ:} العداء متأصل، ومحتوم فيما بينهم، والمعنى: فعجزهم عن قتالكم، ليس لجبنهم، بل هم في غاية القوة، والشجاعة؛ إذا حارب بعضهم بعضا، وأما إذا حاربوكم، فيضعفوا، ويجبنوا للرهبة التي في قلوبهم منكم.

{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً} أي: تظنهم مجتمعين على أمر، ورأي في الظاهر، ذوي ألفة، واتحاد، وهم مختلفون غاية الاختلاف؛ لأن آراءهم مختلفة، وقلوبهم متفرقة. قال قتادة-رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>