لعمري لأنت البيت أكرم أهله... وأقعد في أفيائه بالأصائل
هذا؛ ويطلق الأصيل على الشعاع الممتدّ من الشمس إلى الماء مثل الحبال، ويشبه لون أشعته في الماء لون الذهب.
هذا؛ وإنما خص هذين الوقتين بالذكر؛ لأن الإنسان يقوم بالغداة من النوم الذي هو أخو الموت، فاستحب له أن يستقبل حالة الانتباه من النوم، وهو وقت الحياة من موت النوم بالذكر؛ ليكون أول أعماله ذكر الله عز وجل، وأما وقت الأصيل، وهو أخر النهار، فإن الإنسان يريد أن يستقبل النوم، الذي هو أخو الموت، فيستحب له أن يستقبله بالذكر؛ لأنه حالة تشبه الموت، ولعله لا يقوم من تلك النومة، فيكون موته على ذكر الله عز وجل. فعن جويرية أم المؤمنين-رضي الله عنهما-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج من عندها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال:«ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟». قالت: نعم، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم، لوزنتهنّ سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضاء نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته». أخرجه مسلم، ويروى بروايات كثيرة أيضا.
وقد اختلفت في إعراب:«عدد، رضاء، زنة، مداد» فقال السيوطي: هي منصوبة على الظرف بتقدير: قدر عدد، قدر رضاء... إلخ، وقد نص سيبويه-رحمه الله تعالى-على أن من المصادر التي تنصب على الظرف قولهم: زنة الجبال... إلخ. وقيل: تعرب على المفعولية المطلقة لفعل محذوف. وقيل: منصوبة بنزع الخافض، التقدير: كعدد خلقه، ومثل رضاء نفسه، ومثل زنة عرشه، ومثل مداد كلماته.
الإعراب:{وَسَبِّحُوهُ:} الواو: حرف عطف. (سبحوه): فعل أمر، وفاعله، ومفعوله.
{بُكْرَةً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {وَأَصِيلاً:} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها؛ لا محل لها مثلها.
الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لما نزل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} رقم [٥٦] الآتية؛ قال المهاجرون، والأنصار: هذا لك يا محمد يا رسول الله، وليس لنا فيه شيء، فأنزل الله هذه الآية. انتهى. وهذه النعمة من أجل النعم على هذه الأمة، ودليل على فضيلتها على سائر الأمم، وقد قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ..}. إلخ الآية رقم [١١٠] من سورة (آل عمران). والصلاة من الله على العبد هي رحمته له، وبركته لديه، وصلاة الملائكة دعاؤهم للمؤمنين، واستغفارهم لهم، كما قال تعالى في الآية رقم [٧] من سورة (غافر).