المصدر، والماضي، والمضارع، والأمر، وهذا الفعل بألفاظه الأربعة، قد عدّي باللام تارة، مثل قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلّهِ،} وقوله جلت حكمته: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ..}. إلخ وبنفسه أخرى، مثل قوله تعالى شأنه: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً،} وقوله جلت قدرته: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ} وأصله التعدي بنفسه؛ لأن معنى سبّحته: بعدته من السوء، منقول من: سبح: إذا ذهب، وبعد، فاللام إما أن تكون مثل: نصحته، ونصحت له، وشكرته، وشكرت له، وإما أن يراد ب: {سَبَّحَ لِلّهِ} اكتسب التسبيح لأجل الله، ولوجهه خالصا.
هذا؛ وقد حثنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم على الإكثار من التسبيح، وغيره من أنواع الذكر. وخذ ما يلي:
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا».
قلت: يا رسول الله! ما رياض الجنّة؟ قال: «المساجد». قلت: وما الرّتع؟ قال: «سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر». رواه الترمذي.
وعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقيت إبراهيم عليه السّلام ليلة أسري بي، فقال: يا محمد! أقرئ أمّتك منّي السّلام، وأخبرهم: أنّ الجنّة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأنّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر».
رواه الترمذي، والطبراني، وهذه الكلمات يقولهن الطاهر، والمحدث، والجنب، والحائض، والنفساء، وينبغي أن لا يلفظهن في الأماكن القذرة، وفي حالة كشف العورة. هذا؛ والتسبيح يأتي بمعنى الدعاء، قال جرير: [الطويل] فلا تنس تسبيح الضّحى إنّ يوسفا... دعا ربّه فاختاره حين سبّحا
وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٧] من سورة (الروم)، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥].
ولا تنس: أن الله تعالى قال في الآية رقم [٤٤] من سورة (الإسراء): {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً}.
هذا؛ وقد قابل الله بين الأصيل، والبكرة هنا، وأيضا في الآية رقم [٥] من سورة (الفرقان) وقابل بينه وبين الغدو في الآية رقم [٣٦] من سورة (النور)، وفي (الرعد) رقم [١٥]، وأيضا في الآية رقم [٢٠٥] من سورة (الأعراف) وقابل العشي بالإبكار في الآية رقم [٤١] من سورة (آل عمران) وقابله بالغداة في الآية رقم [٥٢] من سورة (الأنعام) وأيضا في الآية رقم [٢٨] من سورة (الكهف) وقابل الغدو بالعشي في الآية رقم [٤٦] من سورة (غافر). هذا؛ والبكرة، والغداة، والغدو: النصف الأول من النهار، والأصيل، والعشي: النصف الآخر من النهار، مع الاختلاف في تحديد كل منهما.
والأصيل: الوقت بين العصر، والمغرب على الراجح، ويجمع على: آصال، وعلى:
أصائل، وأصل، وأصلان. وقيل: الآصال جمع أصل، والأصل جمع: أصيل، ثم أصائل جمع الجمع، قال أبو ذؤيب الهذلي: [الطويل]