للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {بَلِ:} حرف إضراب، وانتقال. {الْإِنْسانُ:} مبتدأ. {عَلى نَفْسِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {بَصِيرَةٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ. هذا؛ وأجيز اعتبار {بَصِيرَةٌ} خبر عن {الْإِنْسانُ،} والجار والمجرور متعلقان به. كما أجيز اعتبار الجار والمجرور متعلقين بمحذوف خبر المبتدأ، و {بَصِيرَةٌ} فاعلا بمتعلق الجار والمجرور. وهذا أقوى من الثاني. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَلَوْ:} الواو: واو الحال. (لو): وصلية. {أَلْقى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {الْإِنْسانُ} تقديره: «هو». {مَعاذِيرَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير في {بَصِيرَةٌ}. هذا؛ واعتبر الجلال (لو) شرطية، وقدر جوابها بقوله: ولو جاء بكل معذرة؛ ما قبلت منه. وعليه ف‍: (لو) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له، ولا يصح اعتباره حالا؛ لأن (لو) لتعليق الشرط في المستقبل، وهو يتنافى مع الحال، خلافا لما قاله سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-.

{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩)}

الشرح: عن سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه القرآن؛ يحرك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى:

{لا تُحَرِّكْ..}. إلخ قال: فكان يحرك به شفتيه. وحرّك سفيان شفتيه. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ولفظ مسلم: عن ابن جبير عن ابن عباس؛ قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فقال لي ابن عباس: أنا أحركهما، كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحركهما، فقال سعيد: أنا أحركهما، كما كان ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه. انتهى.

قرطبي. والمعنى: لا تحرك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل-صلوات الله وسلامه عليه- يقرأ. {لِتَعْجَلَ بِهِ:} لتأخذه على عجلة، ولئلا ينفلت منك.

{إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي: جمعه في صدرك، ثم تقرأه. {فَإِذا قَرَأْناهُ} أي: قرأه عليك جبريل نيابة عنا. {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: اقرأ بعد انتهاء قراءة جبريل. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك إذا أتاه جبريل عليه السّلام استمع، وإذا انطلق جبريل، قرأه النبي صلّى الله عليه وسلّم كما أقرأه، كما وعد الله تعالى، ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة (طه) رقم [١١٤]: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}. انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

وقال عامر الشعبي-رحمه الله تعالى-: إنما كان يعجل بذكره إذا نزل عليه من حبّه له، وحلاوته في لسانه، فنهي عن ذلك؛ حتى يجتمع؛ لأن بعضه مرتبط ببعض. وقيل: كان صلّى الله عليه وسلّم إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>