للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محلّ لها، والجملة الفعلية بعدها معطوفة عليها، لا محلّ لها مثلها. {عَنْ سَبِيلِ:} متعلقان بما قبلهما، و {سَبِيلِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه.

{أَضَلَّ:} ماض، والفاعل يعود إلى: {اللهِ،} تقديره: «هو». {أَعْمالَهُمْ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {الَّذِينَ..}. إلخ، لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية. هذا؛ وقد أغرب أبو البقاء-رحمه الله تعالى-حيث قال: ويجوز أن ينتصب أي: {الَّذِينَ} بفعل دلّ عليه المذكور؛ أي: أضل الذين كفروا، ومثله: (الذين آمنوا).

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢)}

الشرح: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} فهذا يعمّ المهاجرين، والأنصار، والذين آمنوا من أهل الكتاب، ومن آمن، وعمل الصالحات إلى يومنا هذا؛ وإلى يوم القيامة، وهو أولى من قصره على المهاجرين، أو على الأنصار في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّ الكفر لا يقتصر على عصر النبوة.

وفي الايتين مقابلة بين الإيمان، والكفر. انظر ما ذكرته في الاية رقم [٧٤] من (الزخرف) والمراد ب‍: {الصّالِحاتِ} الأعمال الصالحات على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها. وفي ذلك احتراس، وقد ذكرته مرارا. {وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ} يعني: القرآن الذي أنزله على محمد صلّى الله عليه وسلّم، وإنما ذكره بلفظ الاختصاص مع ما يجب من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الله تعظيما لشأن القرآن الكريم، وتنبيها على أنه لا يتم الإيمان إلاّ به، ولذلك أكّده بقوله: {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}. وقيل: حقيقته بكونه ناسخا لجميع الكتب السماوية قبله، ولا يرد عليه نسخ، وإن كان هناك نسخ لبعض الايات ببعض. هذا؛ و {نُزِّلَ} يقرأ بقراآت كثيرة.

{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ} أي: ستر الله بإيمانهم، وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي؛ لرجوعهم وتوبتهم منها، فغفر لهم بذلك ما كان منهم. {وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} يعني:

حالهم، وشأنهم، وأمرهم بالتوفيق في أمور الدين، والتسليط على أمور الدنيا، بما أعطاهم من النصر على أعدائهم. وقيل: (أصلح بالهم) يعني: قلوبهم؛ لأنّ القلب إذا صلح؛ صلح سائر الجسد. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: عصمهم الله أيام حياتهم. يعني: أنّ الإصلاح يعود إلى إصلاح أعمالهم؛ حتى لا يعصوا.

هذا؛ والبال كالمصدر، ولا يعرف منه فعل، ولا تجمعه العرب إلاّ في ضرورة الشعر، فيقولون فيه: بالات. هذا؛ وقال الرازي في مختاره: البال: القلب، يقال: ما يخطر فلان

<<  <  ج: ص:  >  >>