الشرح:{وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً..}. إلخ. المعنى: أخرجناه، ومعه لوط ابن أخيه؛ الذي آمن معه من بلاد العراق إلى بلاد الشام المباركة، والبركة حصلت من كثرة الأنبياء الذين بعثوا في هذه البلاد، فانتشرت في العالمين شرائعهم، التي هي مبادئ الكمالات، والخيرات الدينية، والدنيوية، وقيل: مباركة لكثرة خصبها، وثمارها، وأنهارها، ولأنها معادن الأنبياء. والبركة:
ثبوت الخير، ومنه برك البعير إذا لزم مكانه، فلم يبرح، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥] من سورة (إبراهيم) صلّى الله على نبينا، وعليه، وسلم. هذا؛ وهناك أحاديث كثيرة في فضل بلاد الشام، والترغيب في سكناها موجودة في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري.
هذا؛ و (العالمين) جمع: عالم بفتح اللام، وهو يقال لكل ما سوى الله، ويدل له قول موسى-على نبينا، وعليه أفضل صلاة، وأتم تسليم-لما قال له فرعون: {وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} والعوالم كثيرة لا تحصيها الأرقام، وهي منتشرة في هذا الكون المترامي الأطراف في البر والبحر؛ إذ كل جنس من المخلوقات يقال له:
عالم: قال تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ}.
الإعراب:{وَنَجَّيْناهُ:} الواو: حرف عطف. (نجيناه): فعل، وفاعل، ومفعول به.
{وَلُوطاً:} معطوف على الضمير المنصوب. {إِلَى الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة الأرض، وجملة:{بارَكْنا فِيها} صلة الموصول لا محل لها، والعائد: الضمير المجرور محلا ب: (في). {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له. {لِلْعالَمِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة {وَنَجَّيْناهُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا.
الشرح:{وَوَهَبْنا لَهُ:} لإبراهيم. {إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً} أي: عطية من عطاء الله تعالى والمراد يعقوب؛ لأن الله تعالى أعطى إبراهيم إسحاق بدعائه؛ حيث قال:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ} وزاده يعقوب نافلة، وهو ولد الولد، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٧٩] من سورة (الإسراء) تجد ما يسرك. وانظر ما قلته في شرح (وهبنا) في الآية رقم [٤٩] من سورة (مريم) عليها السلام. {وَكُلاًّ جَعَلْنا..}. إلخ. قال البيضاوي: بأن وفقناهم للصلاح، وحملناهم عليه، فصاروا كاملين. وقال القرطبي: وجعلهم صالحين إنما يتحقق بخلق الصلاح، والطاعة لله، وبخلق القدرة على الطاعة،