للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعاقب على ذنب قبل وقوعه، ولهذا لم يذكر الإمام فخر الدين في تفسير هذه الآية ما ذكره المفسّرون، بل ذكر تفسيرا إجماليا، فقال: اعلم: أنّ أنواع الذنوب محصورة في نوعين: الظّلم للخلق، والإعراض عن الدّين الحقّ. أمّا ظلم الخلق، فإليه الإشارة بقوله: {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ،} ثم إنّهم في غاية الحرص على طلب المال، فتارة يحصّلونه بطريق الرّبا مع أنّهم قد نهوا عنه، وتارة يحصّلونه بطريق الرشا، وهو المراد بقوله تعالى: {وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ؛} فهذه الأربعة هي الذنوب التي شدّد الله عليهم بسببها في الدّنيا والآخرة، أمّا التشديد في الدنيا، فهو ما تقدّم من تحريم الطّيبات عليهم، وأمّا التّشديد في الآخرة، فهو المراد بقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً} قال المفسّرون: إنّما قال:

منهم؛ لأنّ الله علم: أنّ قوما منهم سيؤمنون، فيأمنون من العذاب. انتهى خازن.

الإعراب: {فَبِظُلْمٍ:} الفاء: حرف استئناف. (بظلم): متعلقان بالفعل: {حَرَّمْنا} بعدهما.

وقال الزجّاج: هذا بدل من: {فَبِما نَقْضِهِمْ} قاله القرطبيّ، ولا وجه له قطعا. {مِنَ الَّذِينَ:}

متعلقان ب‍ (ظلم) أو بمحذوف صفة له. {هادُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {حَرَّمْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية مع متعلّقاتها مستأنفة لا محلّ لها. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {طَيِّباتٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم. {أُحِلَّتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل يعود إلى: {طَيِّباتٍ}. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {طَيِّباتٍ}. {وَبِصَدِّهِمْ:} معطوفان على (بظلم) فهما متعلقان حكما بالفعل: {حَرَّمْنا،} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {عَنْ سَبِيلِ:} متعلقان بالمصدر: «صد»، و {سَبِيلِ} مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {كَثِيراً:} صفة لمفعول به محذوف، التقدير: بصدهم ناسا كثيرا. وقيل: صفة لمصدر مفعول مطلق محذوف. وقيل: صفة لزمان محذوف: أي: زمانا كثيرا، والمعتمد الأوّل.

{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١)}

الشرح: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ:} كان الربا محرّما عليهم، كما حرّم علينا، وكانوا يتعاطونه. {وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ} أي: بالرّشا، وسائر الوجوه المحرّمة. {وَأَعْتَدْنا:} هيأنا، والاعتداد التهيئة من العتاد، وهو العدّة. وقيل: أصله: أعددنا، فأبدلت الدال الأولى تاء.

هذا؛ و {النّاسِ} اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، ورهط... إلخ، واحده:

إنسان، وإنسانة من غير لفظه، وتصغيره نويس، وناس، وإنسان، وأناسيّ، وإنس من مادة

<<  <  ج: ص:  >  >>