للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسها: الإحياء ثم الإماتة، ثم الإحياء. نبه بهذا على أنّ هذه النعم لمن أحياه الله، فنبه بالإحياء الأول على إنعامه في الدنيا بكل ما تقدم، ونبه بالإماتة، والإحياء ثانيا على إنعامه علينا في الآخرة، ولما فصّل الله هذه النعم؛ قال: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ} أي: لهذه النعم. انتهى.

نقلا من الفخر الرازي.

الإعراب: {وَهُوَ:} الواو: حرف استئناف. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {أَحْياكُمْ:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملتان بعدها معطوفتان عليها، لا محل لهما مثلها، والجملة الاسمية: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ} مستأنفة، وإعرابها واضح إن شاء الله تعالى.

{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَاُدْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧)}

الشرح: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً:} شرح هذه الكلمات مثل الآية رقم [٣٤] ولكن المراد ب‍: {مَنْسَكاً} هنا غير ما هنالك، فإن المراد به هنا: الشريعة التي تعبد الله بها الأمم السابقة، وإنما حذف الواو هنا، ولم يقل: ولكل أمة؛ لأنه لا تعلق لهذا الكلام بما قبله. ومناسبة هذه الآية لما قبلها: أن هذه مشتملة على النعم التكليفية، والتي قبلها مشتملة على نعم غير تكليفية. وهذا الكلام مستأنف جيء به لزجر معاصريه صلّى الله عليه وسلّم من أهل الأديان السماوية عن مفارقته، فكيف بمعاداته؟!

{هُمْ ناسِكُوهُ} أي: عاملون به، أي بتلك الشريعة، وذلك الدين الذي جاءهم به رسولهم.

{فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} أي: فلا يخاصمك أصحاب الأديان الأخرى في أمر الدين؛ لأنهم بين جهال، وأهل عناد، أو؛ لأن دينك أظهر من أن يقبل النزاع. وقيل: المراد: نهي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الالتفات إلى قولهم، وتمكينهم من المناظرة المؤدية إلى نزاعهم، فإنها تنفع طالب الحق، وهؤلاء أهل جدال بالباطل. وقيل: نزلت في كفار بني خزاعة، قالوا للمسلمين: ما لكم تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتله الله؟!. وقرئ: «(فلا ينزعنّك)» على تهييج الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والمبالغة في تثبيته على دينه على أنه من نازعته، فنزعته إذا غلبته. قال القرطبي: ولفظ النهي في القراءتين للكفار، والمراد: النبي صلّى الله عليه وسلّم.

{وَادْعُ إِلى رَبِّكَ} أي: إلى توحيده، ودينه، والإيمان به، ولا تنس: قوله تعالى في سورة (النحل): {اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} رقم [١٢٥] {إِنَّكَ لَعَلى هُدىً} أي: دين.

{مُسْتَقِيمٍ} أي: قديم لا اعوجاج فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>