للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥)}

الشرح: قال الخازن-رحمه الله تعالى-: لما نهاهم الله سبحانه وتعالى عن ضرب الأمثال، لقلة علمهم؛ ضرب هو سبحانه وتعالى لنفسه مثلا، فقال تعالى: مثلكم في إشراككم بالله الأوثان، كمثل من سوّى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف، وبين حرّ كريم مالك قادر، قد رزقه الله مالا، فهو يتصرف فيه، وينفق منه كيف يشاء، فصريح العقل يشهد بأنه لا تجوز التسوية بينهما في التعظيم، والإجلال، فلمّا لم تجز التسوية بينهما مع استوائهما في الخلقة، والصورة البشرية، فكيف يجوز للعاقل أن يسوي بين الله عز وجل الخالق القادر على الرزق والإفضال، وبين الأصنام؛ التي لا تملك، ولا تقدر على شيء البتة. انتهى.

وقال عطاء: العبد المملوك هو أبو جهل، {وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً} هو أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-، والمعتمد القول الأول، وهو الذي يقتضيه نص الآيات. هذا؛ ومعنى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً:} بيّن شبها. وقال سبحانه: {هَلْ يَسْتَوُونَ،} ولم يقل: هل يستويان؛ لأن (من) اسم مبهم يصلح للواحد، والاثنين، والجمع، والمذكر، والمؤنث، ويكون المعنى هل يستوي الأحرار، والعبيد، وكذلك لا يستوي المطيعون، والعاصون.

{الْحَمْدُ لِلّهِ:} حمد الله نفسه؛ لأنه المستحق لجميع المحامد؛ لأنه المنعم المتفضل على عباده، دون ما يعبدون؛ إذ لا نعمة للأصنام عليهم، ولا معروف فتحمد عليه، وإنما الحمد الكامل لله. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ} أي: المشركون. {لا يَعْلَمُونَ:} أن الحمد لله وحده. وقيل: أراد أكثر الناس لا يعلمون، وذلك: أن أكثرهم المشركون، وقد صرح سبحانه في غير ما آية: أن أكثر الناس لا يعلمون. وانظر الآية رقم [١٠١] الآتية.

الإعراب: {ضَرَبَ اللهُ:} ماض، وفاعله. {مَثَلاً:} مفعول به. {عَبْداً:} بدل منه.

{مَمْلُوكاً:} صفة {عَبْداً}. {مَثَلاً:} نافية. {يَقْدِرُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى {عَبْداً}.

{عَلى شَيْءٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية ل‍: {عَبْداً،} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم. {وَمَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب معطوفة على {عَبْداً}.

{رَزَقْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {مِنّا:} متعلقان بما قبلهما. {رِزْقاً:} مفعول به ثان. {حَسَناً:} صفة له، وجملة: {رَزَقْناهُ..}. إلخ صلة (من)، أو صفتها، وجملة:

{ضَرَبَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَهُوَ:} الفاء: حرف تفريع، وسبب. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {يُنْفِقُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (من) أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>