فرسه حتى إذا احتد؛ ضم فخذيه عليه، فحبسه بقوته. {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ:} سلّموا الأمر إليها مع ما أظهروا لها من القوة والبأس والشدة مع إظهار الطاعة، والانقياد لها، كأنهم أشاروا عليها بالقتال، أو أرادوا: نحن من أبناء الحرب، لا من أبناء الرأي، والمشورة، وأنت صاحبة الرأي والتدبير، فانظري ما ذاترين؛ نتبع أمرك. فلما أحست منهم الميل إلى الحرب؛ مالت إلى المهادنة، والموادعة، ورتبت الجواب، فزيفت ما ذكروه، وأرتهم الخطأ فيه حيث قالت:{إِنَّ الْمُلُوكَ..}. إلخ.
هذا؛ {وَأُولُوا} بمعنى أصحاب، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وإنما واحده:«ذو» المضاف إن كان مرفوعا، و «ذا» المضاف إن كان منصوبا، و «ذي» المضاف إن كان مجرورا، ومؤنثه:«ذات» وجمعها: «أولات» من غير لفظها أيضا، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢] من سورة (الحج) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
الإعراب:{قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {نَحْنُ:}
ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. {أُولُوا:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة. {وَأُولُوا} مضاف، و {قُوَّةٍ} مضاف إليه. {وَأُولُوا بَأْسٍ:} معطوف على ما قبله. وإعرابه مثله. {شَدِيدٍ:} صفة {بَأْسٍ،} والجملة الاسمية: {نَحْنُ..}. إلخ، في محل نصب مقول القول. {وَالْأَمْرُ:} الواو: حرف عطف. (الأمر): مبتدأ. {إِلَيْكِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {فَانْظُرِي:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا منك فانظري... إلخ، (انظري):
فعل أمر مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والياء ضمير متصل في محل رفع فاعل، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {ماذا تَأْمُرِينَ:} هو مثل: {ماذا يَرْجِعُونَ} في الآية رقم [٢٨] ويضاف إليه: أنه يجوز اعتبار {ماذا} مفعولا ثانيا مقدما على اعتبار الفعل ناصبا مفعولين، ويكون التقدير: ماذا تأمريننا؟ والجملة سواء أكانت اسمية، أم فعلية في محل نصب سدت مسد مفعول (انظري)، وجملة:{فَانْظُرِي..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر، والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها:} فهذا رد منها بادعائهم القوة، والبأس الشديد، وإشعار منها بأنها تريد الصلح مخافة أن يتعدى سليمان حدودهم، فيسرع إلى إفساد ما يصادفه من أموالهم، وزروعهم، وعمارتهم. ثم إن الحرب عاقبتها مجهولة، لا تعلم نتائجها.