للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الآية قال: كنا نقول: ربنا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد، فما هذه الخصومة؟! فلما كان يوم صفين، وشد بعضنا على بعض بالسيوف، قلنا: نعم هو هذا. وخذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كان عنده مظلمة لأخيه من عرض، أو مال فليتحلّله اليوم من قبل أن لا يكون دينار، ولا درهم. إن كان له عمل صالح؛ أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات؛ أخذ من سيئات صاحبه، فحملت عليه». أخرجه البخاري. وعنه أيضا-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون من المفلس؟». قالوا:

المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، قال: «إنّ المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه؛ أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار». متفق عليه. انتهى. خازن وقرطبي.

وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: يختصم الناس يوم القيامة؛ حتى تختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد: أنت فعلت، ويقول الجسد للروح: أنت أمرت، وأنت سوّلت، فيبعث الله ملكا، يفصل بينهما، فيقول لهما: مثلكما كمثل رجل مقعد بصير، والآخر ضرير، دخلا بستانا، فقال المقعد للضرير: إني أرى هاهنا ثمارا، ولكن لا أصل إليها، فقال له الضرير: اركبني فتناولها، فركبه، فتناولها، فأيهما المعتدي؟ فيقولان: كلاهما، فيقول لهما الملك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما. يعني: أن الجسد للروح كالمطية، وهو راكبه.

رواه ابن منده في كتاب الروح. انتهى. مختصر ابن كثير.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {يَوْمَ:}

ظرف زمان متعلق بالفعل بعده، و {يَوْمَ} مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بما بعده أيضا. وقيل: متعلق بمحذوف حال من واو الجماعة. ولا يؤيده المعنى، وهو مضاف، و {رَبِّكُمْ} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {تَخْتَصِمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالإتباع.

{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢)}

الشرح: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ} أي: لا أحد أكذب ممن افترى على الله الكذب، وادّعى أن له ولدا، وأن له شريكا في الألوهية. {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ:} وهو ما جاء به

<<  <  ج: ص:  >  >>