للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وجملة: {أَأَشْفَقْتُمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَإِذْ:} (الفاء): حرف استئناف، وتفريع. (إذ): فيها ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها على بابها من المضي، والمعنى: أنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بإقامة الصلاة. قاله أبو البقاء، وهذا يعني: أنها مبنية على السكون في محل نصب متعلقة بالفعل «تركتم» المقدر. والثاني: أنها بمعنى: (إذا)، كقوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٧١]: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ}. والثالث: أنها بمعنى: (إن) الشرطية، وهو قريب مما قبله، إلا أن الفرق بين «إن» و «إذا» معروف. انتهى. جمل نقلا من السمين.

{لَمْ تَفْعَلُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ،} وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله، ومفعوله محذوف، التقدير: لم تفعلوا الصدقة، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذ) إليها.

{وَتابَ:} (الواو): واو الحال. (تاب الله): ماض، وفاعله. {عَلَيْكُمْ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، و «قد» قبلها مقدرة. {فَأَقِيمُوا:} (الفاء): واقعة في جواب إذ. (أقيموا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله. {الصَّلاةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها لوقوعها جوابا ل‍: (إذ)، والجملتان بعدها معطوفتان عليها، {وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} انظر إعراب مثلها في الاية رقم [٣].

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ} أي: ألم تنظر إلى الذين... إلخ، فهو تعجيب للرسول صلّى الله عليه وسلّم من أمر المنافقين؛ الذين اتخذوا اليهود أصدقاء؛ أي: ألا تعجب يا محمد من حال هؤلاء المنافقين، الذين يزعمون الإيمان، وقد اتخذوا اليهود المغضوب عليهم أولياء، يناصحونهم، وينقلون إليهم أسرار المؤمنين. والذين غضب الله عليهم هم اليهود لقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٦١]: {وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ} وقوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٦٠]: {مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ}. {ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ:} يعني: إن المنافقين ليسوا منكم في الدين، والولاء، ولا هم من اليهود، فهم مذبذبون بين ذلك، كما قال تعالى في سورة (النساء) رقم [١٤٣]: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ}. {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ:} أنهم كاذبون، نزلت الاية الكريمة في عبد الله بن نبتل المنافق، كان يجالس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويرفع حديثه إلى اليهود، فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجرة من حجره؛ إذ قال: «يدخل عليكم الان رجل قلبه قلب جبار، وينظر بعيني شيطان». فدخل عبد الله بن نبتل، وكان أزرق العينين أسمر البشرة، قصيرا خفيف اللحية، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «علام تشتمني أنت وأصحابك؟!». فحلف بالله: ما فعل، وجاء

<<  <  ج: ص:  >  >>