للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوب على التحذير بفعل محذوف، التقدير: احذروا الناقة، و {ناقَةَ:} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة في محل نصب مقول القول، وجملة: {فَقالَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَسُقْياها:} الواو: حرف عطف. (سقياها): معطوف على {ناقَةَ} منصوب مثله... إلخ، والهاء في محل جر بالإضافة.

{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)}

الشرح: {فَكَذَّبُوهُ} أي: كذبوا نبي الله صالحا في قوله: إنكم تعذبون؛ إن عقرتم الناقة؛ ولم تؤمنوا بالله. {فَعَقَرُوها} أي: عقرها الأشقى، وأضيف إلى الكل؛ لأنهم رضوا بفعله. وقال قتادة: ذكر لنا: أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم، وكبيرهم، وذكرهم، وأنثاهم. والذي باشر العقر اسمه: قدار بوزن غراب ابن سالف، ويضرب به المثل، فيقال: أشأم من قدار، وهو أشقى الأولين، وكان رجلا أشقر أزرق قصيرا. وروى الضحاك عن علي-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدري من أشقى الأولين؟». قلت: الله ورسوله أعلم! قال: «عاقر الناقة». قال: «أتدري من أشقى الآخرين؟». قلت: الله ورسوله أعلم! قال: «قاتلك». وكان عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي، لعنه الله تعالى! وهناك من يقدسه، ويعظمه! هذا؛ والعقر: الجرح. وعقر البعير، والفرس بالسيف فانعقر. أي: ضرب به قوائمه. وبابه: ضرب. انتهى. مختار. انظر الآية رقم [٦٥] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام تجد ما يسرك.

{فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ} أي: أهلكهم، وأطبق عليهم العذاب بذنبهم الذي هو الكفر، والتكذيب، والعقر. وحقيقة الدمدمة: تضعيف العذاب، وترديده، والدمدمة إهلاك باستئصال، من غير إبقاء أحد حيا. {فَسَوّاها:} فسوى الدمدمة عليهم جميعا، وعمّهم بها.

وقيل: فسوى بين الأمة، وأنزل بصغيرهم، وكبيرهم، وغنيهم، وفقيرهم العذاب. وقيل: سوى عليهم الأرض، فجعلهم تحت التراب. {وَلا يَخافُ عُقْباها} أي: لا يخاف الله تبعة من أحد في هلاكهم. كذا قال ابن عباس-رضي الله عنهما-. وقال السدي، والضحاك، والكلبي: ترجع إلى العاقر؛ أي: لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع. وعليه ففي الكلام تقديم، وتأخير، مجازه: إذ انبعث أشقاها، ولا يخاف عقباها. وقيل: لا يخاف رسول الله صالح عاقبة إهلاك قومه، ولا يخشى ضررا يعود عليه من عذابهم؛ لأنه قد أنذرهم، ونجاه الله تعالى حين أهلكهم، ولم يؤذه أحد منهم. هذا؛ وفي الجملة استعارة تمثيلية لإهانتهم، وأنهم أذلاء عند الله.

هذا؛ و (العقبى) جزاء الأمور، وآخر كل شيء، و (العقبى): الآخرة، وفي سورة (الرعد):

{أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ}. هذه في حق أولي الألباب الموصوفين بصفات ثمانية. و {وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النّارُ} ولفظ (العاقبة) ذكر في كثير من الآيات القرآنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>