{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)}
الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ} أي: لا يصدقون بآيات القرآن المنزلة من عند الله على الرسول صلّى الله عليه وسلّم. {لا يَهْدِيهِمُ اللهُ:} لا يوفقهم للإيمان، أو لا يدلهم على طريق النجاة، والفلاح المؤدي إلى الجنة. {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي: في الآخرة، هددهم على كفرهم بالقرآن، بعد ما أماط شبهتهم، وردّ طعنهم فيه في الآية السابقة، ثم قلب الأمر عليهم بالآية اللاحقة.
الإعراب:{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها، وجملة:{لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ} صلة الموصول، لا محل لها. {لا:} نافية.
{يَهْدِيهِمُ:} مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء: مفعول به.
{اللهِ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، أو ابتدائية لا محل لها. {وَلَهُمْ:} الواو: حرف عطف. (لهم): متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَذابٌ:} مبتدأ مؤخر. {أَلِيمٌ:} صفته، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها، واعتبارها حالا من الضمير المنصوب غير مستبعد.
الشرح:{إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ} أي: يختلق الكذب، ويصطنعه، بل ويمتهنه. {الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ:} هو مثل الآية السابقة. {وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ} أي: الكاذبون على الحقيقة، أو الكاملون في الكذب، المولعون به؛ لأن تكذيب آيات القرآن، والطعن فيها بهذه الخرافات أعظم الكذب، أو هم الذين عادتهم الكذب لا يصرفهم عنه خلق، ولا دين، ولا مروءة، وقد أخبر الله تعالى عن حالهم بقوله:{إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ..}. إلخ ثم وصفهم بقوله:{هُمُ الْكاذِبُونَ} ليدل على أنّ الكذب نعت لازم لهم، كقول الرجل لغيره: كذبت، وأنت كاذب؛ أي: كذبت في هذا القول، ومن عادتك الكذب
قال الخازن-رحمه الله تعالى-وفي الآية دليل على أنّ الكذب من أفحش الذنوب الكبار؛ لأن الكاذب المفتري هو الذي لا يؤمن بآيات الله. روى البغوي، بإسناد الثعلبي عن عبد الله بن جراد، قال: قلت: يا رسول الله! المؤمن يزني؟ قال:«قد يكون ذلك». قلت: المؤمن يسرق؟ قال:«قد يكون ذلك». قلت: المؤمن يكذب؟ قال:«لا، قال الله تعالى:{إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ..}. إلخ». انتهى.
أقول، وجاء في كتاب الترغيب، والترهيب ما يلي: عن صفوان بن سليم-رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله! أيكون المؤمن جبانا؟ قال:«نعم». قيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال