الشرح: عن عروة بن الزبير-رضي الله عنهما-قال: كان الرجل إذا طلق امرأته، ثمّ ارتجعها قبل أن تنقضي عدّتها؛ كان له ذلك، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته، فطلقها، حتى إذا شارفت انقضاء عدّتها؛ ارتجعها، ثم قال: والله لا آويك إليّ، ولا تحلّين أبدا، فأنزل الله تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتانِ}. وثبت: أنّ أهل الجاهلية لم يكن عندهم للطلاق عدد، وكانت العدّة عندهم معلومة مقدّرة، ولما نزلت الآية الكريمة؛ استقبل الناس الطلاق جديدا من ذلك اليوم من كان طلق، ومن لم يكن طلق. انتهى خازن. أخرجه الترمذيّ. هذا؛ والطلاق اسم مصدر بمعنى التطليق، كالسلام بمعنى التسليم، والمعنى: التّطليق الرجعي اثنتان؛ لما روي: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الثالثة؟ فقال:«إمساك {بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ». أخرجه الدارقطنيّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
هذا؛ والطلاق في أصله مباح، وقد يكون مكروها؛ إذا كانت الزّوجة صالحة مستقيمة، وقد يكون مندوبا؛ إذا كانت سيئة الخلق، لا تخضع لأوامر الزّوج، وقد يكون واجبا؛ إذا كانت المرأة معوجّة السلوك في عرضها، وخلقها، أو تخونه في ماله، ونفسها، فقد روى الدّارقطني عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه-قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا معاذ ما خلق الله شيئا على وجه الأرض أحبّ إليه من العتاق، ولا خلق الله تعالى شيئا على وجه الأرض أبغض إليه من الطّلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حرّ إن شاء الله؛ فهو حرّ، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه». وهذا في طلاق الصّالحة المستقيمة، كما قدمت. وممّن رأى الاستثناء في الطلاق طاوس، وحمّاد، وأبو ثور، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا يراه مالك، والأوزاعي، والحسن، وقتادة. انتهى قرطبي بتصرف.
هذا؛ وللطلاق ألفاظ صريحة لا تحتاج إلى نيّة عند الشّافعي، وهي لفظ الطلاق، والسّراح، والفراق، وهو ممّا ورد به القرآن، قال تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقال: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ} وقوله: {أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ،} وهناك ألفاظ كثيرة تعدّ كناية عن الطلاق، إن نوى الطلاق؛ يقع، وإن لم ينوه؛ لم يقع. وعند أبي حنيفة الصريح هو لفظ الطلاق. ولفظ:(عليّ الحرام) هو من