فوضع الآكل لقمة في فيه، فأمسك الله عنه قوة الازدراد؛ لعجز أهل السموات، والأرض عن أن يسوغوه تلك اللقمة. انتهى. جمل نقلا عن الخطيب. وقل مثله في الماء. روي: أن هارون الرشيد طلب ماء ليشربه، فجيء له بقدح فيه ماء، فوضعه على فيه. فقال له عالم جليل: أسألك يا أمير المؤمنين بحرمة جدك العباس: لو منعت قدح الماء فبكم تشتريه؟ قال: بملكي كله، فقال العالم الجليل: تبا لملك لا يساوي قدح ماء. ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان لاعتقادهم: أنهم يحافظون من النوائب، ويرزقون ببركة آلهتهم، فكأنهم الجند الناصر، والرازق.
{بَلْ لَجُّوا} تمادوا، وأصروا. {فِي عُتُوٍّ:} في طغيان، وعناد، وتكبر. {وَنُفُورٍ:} تباعد عن الحق، وعدم انصياع له؛ لثقله عليهم، فلم يتبعوه، ولم يقبلوه، ولم يسمعوه سماع قبول.
تنبيه: قال المفسرون: كان الكفار يمتنعون عن الإيمان، ويعاندون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معتمدين على شيئين: أحدهما: قوتهم بأموالهم، وعددهم، والثاني: اعتقادهم: أن الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات، وتدفع عنهم جميع الآفات، فأبطل الله عليهم الأول بقوله:{أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ..}.
إلخ. ورد عليهم الثاني بقوله:{أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ..}. إلخ انتهى. جمل نقلا عن الخطيب.
الإعراب:{أَمَّنْ هذَا الَّذِي:} إعرابه مثل إعراب سابقه بلا فارق. {يَرْزُقُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والكاف مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف؛ لأن «رزق» بمعنى: أعطى، ومنح، فهو ينصب مفعولين، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والكلام:{أَمَّنْ هذَا..}. إلخ معطوف على ما قبله، لا محل له مثله، الأول بالاستئناف، والثاني بالإتباع. {إِنْ:} حرف شرط جازم {أَمْسَكَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (الله) تعالى. {رِزْقَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. {بَلْ:} حرف عطف، وانتقال. {لَجُّوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {فِي عُتُوٍّ:} متعلقان بما قبلهما. {وَنُفُورٍ:} الواو:
الشرح: ضرب الله في هذه الآية مثلا للمؤمن، والكافر، فالكافر مثله فيما هو من الضلالة كمثل من يمشي مكبا على وجهه، أي: منحنيا لا مستويا، لا يدري أين يسلك، ولا كيف يذهب؟ فهو تائه حائر ضال، والمؤمن يمشي منتصب القامة، على طريق واضح بين، أيهما أهدى سبيلا أهذا أم ذاك؟ انتهى. مختصر ابن كثير. ثم قال: هذا مثلهم في الدنيا، وكذلك