للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله. وقيل: {لَمّا} رابطة، وجوابها محذوف للدلالة عليه، أي: لما سمعوا الذكر؛ كادوا يزلقونك. والأول أقوى، وجملة: {سَمِعُوا الذِّكْرَ} في محل جر بإضافة (لمّا) إليها. {وَيَقُولُونَ:} الواو: حرف عطف. (يقولون): فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله.

{إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء في محل نصب اسمه. {لَمَجْنُونٌ:} (اللام): هي المزحلقة.

(مجنون): خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَيَقُولُونَ..}. إلخ معطوفة على خبر {يَكادُ} فهي في محل نصب مثلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)}

الشرح: {وَما هُوَ:} يعني: القرآن. {إِلاّ ذِكْرٌ:} موعظة. {لِلْعالَمِينَ} أي: الإنس، والجن.

قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: لما جننوه لأجل القرآن؛ بين الله-عز وجل-: أنه ذكر عام، لا يدركه، ولا يتعاطاه إلا من كان أكمل الناس عقلا، وأمتنهم رأيا. وقيل: المعنى: ما القرآن إلا شرف، كما قال الله تعالى في سورة (الزخرف) رقم [٤٤]: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ..}. إلخ، انظر شرحها هناك. هذا؛ و (العالمين): جمع عالم (بفتح اللام) وجمع لاختلاف أنواعه. وهو جواب عما يقال: إنه اسم جنس يصدق على كل ما سوى الله، والجمع لا بد أن يكون له أفراد ثلاثة، فأكثر. وجمع بالياء والنون تغليبا للعقلاء على غيرهم، وهو يقال لكل ما سوى الله، ويدل له قول موسى-على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-لما قال له فرعون: {وَما رَبُّ الْعالَمِينَ؛} {قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} من سورة (الشعراء). هذا؛ والعوالم كثيرة لا تحصيها الأرقام، وهي منتشرة في هذا الكون المترامي الأطراف في البر، والبحر؛ إذ كل جنس من المخلوقات يقال له: عالم. قال تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ}.

الإعراب: {وَما:} (الواو): واو الحال، (ما): نافية. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {ذِكْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الذكر، والرابط: الواو، والضمير، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها.

{لِلْعالَمِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {ذِكْرٌ،} وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

انتهت سورة (القلم) شرحا، وإعرابا بحمد الله وتوفيقه.

والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>