متصل في محل جر بالإضافة. {كَأَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. {رُؤُسُ:} خبر: (كأنّ) وهو مضاف، و {الشَّياطِينِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية:
{كَأَنَّهُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان ل:(إنّ)، أو في محل نصب حال من فاعل {تَخْرُجُ} المستتر، والرابط: الضمير فقط.
الشرح:{فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها} أي: من شجرة الزقوم. {فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ} أي: يأكلون منها حتى يملؤوا بطونهم. فقد ذكر الله تعالى أنهم يأكلون من شجرة الزقوم؛ التي لا أبشع منها، ولا أقبح من منظرها، مع ما هي عليه من سوء الطعم، ونتن الريح، وخبث الطبع، فإنهم ليضطرون إلى الأكل منها؛ لأنهم لا يجدون إلا إياها، وما هو في معناها، كما قال تعالى في سورة (الغاشية): {لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}.
فقد روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية، وقال:
«اتقوا الله حقّ تقاته، فلو أنّ قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدّنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه؟!». أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح.
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها} أي: بعد ما شبعوا منها، وغلبهم العطش. {لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: مزجا من حميم. وقال غيره: يعني: يمزج لهم الحميم بصديد، وغساق مما يسيل من فروجهم، وعيونهم. وعن سعيد بن جبير-رضي الله عنهما-قال:(إذا جاع أهل النار استغاثوا فأغيثوا بشجرة الزقوم، فأكلوا منها، فاختلست جلود وجوههم، فلو أن مارّا مرّ بهم يعرفهم لعرفهم بوجوههم فيها، ثم يصب عليهم العطش، فيستغيثون، فيغاثون بماء كالمهل، وهو الذي قد انتهى حره، فإذا أدنوه من أفواههم أشوى من حره لحوم وجوههم؛ التي سقطت عنها الجلود، ويصهر ما في بطونهم، فيمشون تسيل أمعاؤهم، وتتساقط جلودهم، ثم يضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور). هذا حديث موقوف على تابعي، أخرجه ابن أبي حاتم. انتهى. مختصر ابن كثير.
هذا؛ وهو مأخوذ فحواه من قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٢٩]: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ،} وقوله تعالى في سورة الحج رقم [٢٠]: {يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ،} وقوله تعالى في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [١٥]: {وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ} وينبغي أن تعلم أن كل واحد مما ذكر مميت، ومهلك، ولكن لا موت، كما قال