للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً}. {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي: القوي الغالب، المنتقم من أعدائه، اللطيف، الرؤوف، الرحيم بأوليائه، كما قال تعالى في أول سورة (غافر) رقم [٣]: {شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ} فقرن الوعد بالوعيد، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب على الاستثناء المتصل من {مَوْلًى}. وقال الكسائي: في محل نصب على الاستثناء المنقطع، التقدير: لكن من... إلخ، أو هو في محل رفع على البدلية من واو الجماعة، أو هو في محل رفع على الابتداء، والخبر محذوف، التقدير: إلاّ من رحم الله فمغفور له، وعليه: فالجملة الاسمية في محل نصب حال مستثنى من عموم الأحوال. {رَحِمَ اللهُ:}

ماض، وفاعله، والجملة الفعلية صلة: {مَنْ،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: إلا الذي، أو شخصا رحمه الله. {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٦]، والجملة الاسمية، تعليل لما قبلها، لا محلّ لها.

{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)}

الشرح: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ:} مشتقة من التزقم، وهو البلع على جهد لكراهتها، ونتنها، وهي تحيا بلهب النار، كما تحيا الشجرة في الدنيا بالماء البارد، واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنها معروفة من شجر الدنيا.

ومن قال بهذا اختلفوا فيها، فقال قطرب: إنها شجرة مرّة، تكون بتهامة من أخبث الشجر. وقال غيره: بل هو كل نبات قاتل. القول الثاني: إنها لا تعرف في شجر الدنيا، فلما نزلت هذه الآية، قالت قريش: ما نعرف هذه الشجرة، فقدم عليهم رجل من أفريقية، فسألوه، فقال: هو عندنا الزّبد، والتمر، فقال ابن الزّبعرى: أكثر الله في بيوتنا الزقوم، فقال أبو جهل الخبيث لجاريته:

هاتي زقمينا، فأتته بزبد، وتمر، ثم قال لأصحابه: تزقموا، هذا الذي يخوفنا به محمد، يزعم:

أنّ النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر. هذا؛ وانظر الآيات وشرحها في سورة (الصافات) رقم [٦٢] إلى [٦٨] تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.

{طَعامُ الْأَثِيمِ:} الكثير الآثام، وهو أبو جهل، ومن لف لفه من الكفار، والفجار المعاندين. هذا؛ و {طَعامُ} اسم مصدر مثل: سلام، وعذاب، وعطاء. {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ:} الشجرة التي خلقها الله في جهنم، وسماها الشجرة الملعونة، وذلك في سورة (الإسراء) رقم [٦٠] فإذا جاع أهل النار؛ التجؤوا إليها، فأكلوا منها، فغلت في بطونهم كما يغلي الماء الحار، وشبه ما يصير منها إلى بطونهم بالمهل، وهو النحاس المذاب، والمهل له معان

<<  <  ج: ص:  >  >>