{وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} يعني: حسنا شريفا، وهو الجنّة. والمعنى: إذا اجتنبتم الكبائر، وأتيتم بالطاعات؛ نكفّر عنكم الصّغائر، وندخلكم مدخلا تكرمون فيه، وخذ ما يلي:
قال أبو جعفر بن جرير عن صهيب مولى الصّواري: أنّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، وأبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقولان: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما، فقال: «والّذي نفسي بيده- ثلاث مرّات-»، ثمّ أكبّ، فأكبّ كلّ رجل يبكي لا ندري ماذا حلف عليه، ثمّ رفع رأسه، وفي وجهه البشرى، فكان أحبّ إلينا من حمر النّعم. فقال: «ما من عبد يصلّي الصّلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزّكاة، ويجتنب الكبائر السّبع، إلاّ فتحت له أبواب الجنّة، ثمّ قيل له:
ادخل بسلام». رواه النّسائيّ، والحاكم، وابن حبان.
الإعراب: {إِنْ:} حرف شرط جازم. {تَجْتَنِبُوا:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق.
{كَبائِرَ:} مفعول به، وهو مضاف. و {ما:} مبنية على السكون في محل جرّ بالإضافة، وهي تحتمل الموصولة، والموصوفة. {تُنْهَوْنَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله. {عَنْهُ:} جار ومجرور متعلّقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة {ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط الضمير المجرور ب (عن). وتقدير الكلام: كبائر الذي، أو كبائر شيء تنهون عنه، وجملة: {تَجْتَنِبُوا..}. إلخ لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال:
لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {نُكَفِّرْ:} فعل مضارع جواب الشرط، والفاعل مستتر تقديره:
«نحن»، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب «إذا» الفجائية. {عَنْكُمْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {سَيِّئاتِكُمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة من الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم، والكاف في محل جر بالإضافة.
{وَنُدْخِلْكُمْ:} معطوف على جواب الشرط، ويجوز في مثله النصب على إضمار «أن» والرّفع على الاستئناف. كما رأيت في الآية رقم [٢٨٤]: من سورة (البقرة)، والفاعل مستتر، تقديره «نحن» والكاف مفعول به. {مُدْخَلاً:} مفعول مطلق على اعتباره مصدرا ميميّا، أو هو ظرف مكان متعلّق بالفعل قبله على اعتباره اسم مكان. {كَرِيماً:} صفة له.
{وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٣٢)}
الشرح: عن مجاهد، عن أمّ سلمة-رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله! يغزو الرّجال، ولا نغزو، وإنّما لنا نصف الميراث. فأنزل الله الآية. وقال مجاهد-رحمه الله تعالى-: