للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ}: انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٢] ففيه الكفاية، وزيد هنا تجويز البديلة من: {(إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ)} على قراءة فتح الهمزة. {إِنِّي}: حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم في محل نصب اسم (إن). {أَخافُ}: مضارع، وفاعله مستتر تقديره:

«أنا». {عَلَيْكُمْ}: متعلقان ب‍ {أَخافُ}. {عَذابَ}: مفعول به، وهو مضاف، و {يَوْمٍ}: مضاف إليه. {أَلِيمٍ}: صفة: {يَوْمٍ،} وقال الجمل: المتصف بكونه مؤلما هو العذاب، لا اليوم، فنسبة الإيلام، إلى اليوم مجاز عقلي. انتهى.

وقال البيضاوي: مؤلم، وهو في الحقيقة صفة المعذب، لكن يوصف به العذاب، وزمانه على طريقة: جد جده، ونهاره صائم للمبالغة. وأرى أنه صفة: {عَذابَ،} وجر للمجاورة، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي جلبها حركة الجوار، وجملة: {أَخافُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ تعليل للنهي لا محل لها من الإعراب.

{فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اِتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧)}

الشرح: {فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} أي: قال السادة والعظماء الكافرون من قوم نوح له. {ما نَراكَ إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا}: لا نراك يا نوح إلا آدميا مثلنا، لا فضل لك علينا، ولا مزية تستوجب طاعتنا لك، وانقيادنا لأوامرك، ونواهيك. {وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا}:

ولم يتبعك إلا سفلتنا وأخساؤنا وسقطنا، وخسيسو الصناعات وحقيرو المهن من حاكة وحجامين! وهذا جهل منهم؛ لأنهم عابوا نوحا عليه السّلام بما لا عيب فيه؛ لأن الأنبياء-صلوات الله وسلامه عليهم-إنما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات، وليس عليهم تغيير الصور والهيئات، وهم يرسلون إلى الناس جميعا، فإن تبعهم الوضيع؛ لم يلحقهم من ذلك نقصان؛ لأن عليهم أن يقبلوا إسلام كل من أسلم من الناس بدون تمييز بين عظيم وحقير، وشريف ووضيع.

{بادِيَ الرَّأْيِ}: ظاهر الرأي: وأول الأمر من غير تثبت، وتفكر في أمرك، ولو تفكروا؛ ما اتبعوك. {وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ} أي: بمال أو جاه أو شرف يؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة، وهذا أيضا جهل منهم؛ لأن الفضيلة المعتبرة عند الله بالإيمان والطاعة، لا بالجاه، والشرف، والرئاسة. {بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ}: فيما تدعون من النبوة، والميزة علينا، والخطاب لنوح ومن آمن معه من قومه، أو هو لنوح وحده، وخوطب بلفظ الجمع على سبيل التعظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>