للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥)}

الشرح: {وَحَرامٌ:} فيه تسع قراآت ذكرها القرطبي. ومعنى {وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ..}. إلخ:

وحرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا بعد الهلاك. وهذا على اعتبار {لا} صلة، روي ذلك عن ابن عباس، رضي الله عنهما، واختاره أبو عبيدة. وقيل: ليست بصلة، وإنما هي ثابتة، ويكون الحرام بمعنى الواجب، أي: وجب على قرية، كما قالت الخنساء: [الطويل]

وإنّ حراما لا أرى الدّهر باكيا... على شجوه إلاّ بكيت على صخر

تريد أخاها. {أَهْلَكْناها} أي: حكمنا بإهلاكها، أو وجدناها هالكة، {أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} أي: إلى الدنيا. هذا؛ وقرئ بكسر همزة، «(إنّهم)». وانظر شرح قرية في الآية رقم [٦]. هذا؛ والحرام في الأصل كل ممنوع، قال تعالى: {وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ} فالحرمات: كل ممنوع منك، مما بينك وبين غيرك، وقولهم: لفلان بي حرمة، أي: أنا ممتنع من مكروهه، وحرمة الرجل محظورة به عن غيره، وقوله تعالى: {وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فالمحروم: هو الممنوع من المال، والتلذذ به. والإحرام بالحج، والعمرة هو المنع من أمور معروفة في الفقه الإسلامي، وانظر شرح المسجد الحرام في الآية رقم [٢٥] من سورة (الحج).

الإعراب: {وَحَرامٌ:} الواو: حرف استئناف. (حرام): خبر مقدم... إلخ في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر، وجوز أبو البقاء اعتبار (حرام) مبتدأ، والمصدر المؤول في محل رفع فاعل ب‍: (حرام) سد مسد خبره. ورده ابن هشام في مغنيه؛ لأنه ليس بوصف صريح، ولأنه لم يعتمد على نفي، أو استفهام. {عَلى قَرْيَةٍ:} متعلقان ب‍: (حرام)، أو بمحذوف صفة له.

{أَهْلَكْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جر صفة {قَرْيَةٍ}. {أَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {لا:} صلة. {يَرْجِعُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر كما رأيت. هذا؛ وقيل: {لا} نافية، وليست بصلة، والإعراب إما على ما تقدم، والمعنى: ممتنع عليهم عدم رجوعهم إلى الآخرة. وإما على أن (حرام) مبتدأ حذف خبره، أي: حرام... قبول أعمالهم، وابتدئ بالنكرة لتقييدها بالمعمول، وإما على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: والعمل الصالح حرام عليهم. وعلى الوجهين، فالمصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف، أي: لأنهم... إلخ، ودليل المحذوف ما تقدم في الآية السابقة، ويؤيد هذين الوجهين تمام الكلام قبل مجيء (أنّ) في قراءة بعضهم بكسر الهمزة؛ وعليه فالجملة الاسمية: {أَنَّهُمْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. انتهى. من المغني بتصرف كبير. تأمل، وتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>