للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم، أو من عموم الأحوال، أي: في كل حال إلا حال تقطيعها، وينبغي أن تعلم أن الفاعل تقديره: أنت، أو نحن، أو هو، وأن {قُلُوبِهِمْ} نائب فاعل، أو هو مفعول به وذلك على حسب القراءات التي رأيتها، وجملة: {لا يَزالُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، وقد رأيت فيما سبق اعتبارها خبرا في بعض الحالات، والجملة الاسمية: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. مستأنفة لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)}

الشرح: {إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ..}. إلخ: هذا تمثيل لإثابة الله إياهم الجنة على بدل أنفسهم وأموالهم في سبيله على طريقة الاستعارة التبعية، ثم جعل المبيع الذي هو العمدة والمقصد في العقد أنفس المؤمنين، وأموالهم، وجعل الثمن، الذي هو الوسيلة في الصفقة الجنة، {الْجَنَّةَ}: انظر الآية رقم [٧٣]، {يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}: هذا بيان لتلك المبايعة، ولذلك الشراء. {فَيَقْتُلُونَ}: أعداء الله. {وَيُقْتَلُونَ}: في سبيل الله، ولإعلاء كلمته، ويقرأ الفعلان عكسا، والمعنى لا يتغير. {وَعْداً عَلَيْهِ} أي: تفضلا منه تعالى وليس بواجب عليه، وإن أوهم اللفظ ذلك. {وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ} أي: لا أحد أوفى بوعده منه تعالى؛ لأن إخلاف الوعد قبيح لا يقدم عليه الكريم منا، فكيف بأكرم الأكرمين، ولا ترى ترغيبا في الجهاد أحسن منه وأبلغ. انتهى. نسفي. وانظر الوعد في الآية رقم [٤٤] من سورة (الأعراف)، والعهد في الآية رقم [١٠٢]، منها. {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ..}. إلخ: أي: افرحوا بذلك البيع، وأظهروا السرور به حتى يظهر على بشرة وجوهكم ذلك. {وَذلِكَ} أي: البيع. {هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}:

لأنه رابح، ولا فوز أعظم منه، وقد حقق لكم أعظم المطالب.

{وَالْإِنْجِيلِ}: هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام، يذكر ويؤنث فمن أنث أراد الصحيفة، ومن ذكر أراد الكتاب، وهو مشتق من النجل، وهو الأصل، كأنه أصل الدين، يرجع إليه، ويؤتم به، والتوراة مشتقة من ورى الزند، وهو ما يخرج منه من الضياء من ناره، فكأنها ضياء، يستضاء بها في الدين، والقرآن مشتق من قريت الماء في الحوض، إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم، والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طرق الرشاد مكي، هذا؛ وهو في اللغة

<<  <  ج: ص:  >  >>