للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا محلّ لها أيضا. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {قَوْلاً:} مفعول مطلق.

{مَعْرُوفاً:} صفة له.

{وَاِبْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦)}

الشرح: {وَابْتَلُوا الْيَتامى:} نزلت الآية الكريمة في ثابت بن رفاعة، وفي عمّه، وذلك: أنّ رفاعة مات، وترك ابنه ثابتا، وهو صغير، فجاء عمّه إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقال له: إن ابن أخي يتيم في حجري: فما يحلّ لي من ماله، حتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله الآية الكريمة: والمعنى:

اختبروهم في عقولهم، وأديانهم، وفي تنمية أموالهم. هذا؛ وقال ابن كيسان: ويقال: أبلاه، وبلاه في الخير، والشرّ، وأنشد قول زهير في ممدوحيه: هرم بن سنان، والحارث بن عوف المرّيّين: [الطويل]

جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم... وأبلاهما خير البلاء الّذي يبلو

فجمع بين اللّغتين. وقيل: الأكثر في الخير: أبليته، وفي الشر: بلوته، وفي الاختبار:

ابتليته، وبلوته، قال النحاس: والابتلاء يكون في الخير، وفي الشرّ، قال تعالى في حقّ اليهود اللّؤماء: {وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ}.

{حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ} أي: البلوغ، ويكون بالاحتلام، أو ببلوغه خمسة عشر عاما عندنا، وثمانية عشر عاما عند أبي حنيفة، وبلوغ النكاح كناية عن البلوغ؛ لأنّه يصلح للنكاح عنده، وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الأصح عند الشّافعي-رضي الله عنه-، والعكس عند غيره.

{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً:} أبصرتم هداية في التّصرفات، وصلاحا في المعاملات، واستقامة في الدّين، والأخلاق، وأنس: أبصر، قال تعالى في سورة (القصص): {فَلَمّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً} وقال النابغة في معلقته: [البسيط]

كأنّ رحلي، وقد زال النّهار بنا... بذي الجليل على مستأنس وحد

هذا؛ وقرئ: («رشدا») بفتحتين، وهما لغتان: ف‍: {رُشْداً:} مصدر: رشد، ورشدا مصدر:

رشد، وكذلك الرّشاد، فادفعوا إليهم أموالهم: أي بدون تأخير عن سن البلوغ. {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} أي: مسرفين مبذرين ومبادرين كبرهم؛ أي: بلوغ السنّ التي يستلمون فيها أموالهم، أو لإسرافكم، ومبادرتكم كبرهم تفرطون في إنفاقها، وتقولون: ننفق فيما نشتهي

<<  <  ج: ص:  >  >>