للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {وَلَئِنْ شِئْنا:} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} في الآية رقم [٦٢] بلا فارق. {لَنَذْهَبَنَّ:} اللام: واقعة في جواب القسم. (نذهبن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر وجوبا تقديره: «نحن».

{بِالَّذِي} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف؛ إذ التقدير:

بالذي أوحيناه إليك، وجملة: {لَنَذْهَبَنَّ..}. إلخ جواب القسم. وانظر بقية الكلام في الآية رقم [٦٢]. {ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ..}. إلخ إعراب هذا الكلام مثل إعراب: {ثُمَّ لا تَجِدُوا..}. إلخ في الآية رقم [٦٩] بلا فارق بينهما، والجملة الفعلية هنا معطوفة على جواب القسم لا محل لها مثله، مع ملاحظة أن الفعل هنا مرفوع، وهناك منصوب.

{إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧)}

الشرح: {إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ:} المعنى: إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك بعد أخذه منك.

أو المعنى: لكن رحمة ربك تركته غير مذهوب به. وهذا امتنان من الله ببقاء القرآن مسطورا، أو محفوظا في الصدور. {إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً:} إذ جعلك سيد ولد آدم، وأعطاك المقام المحمود، وختم بك النبيين، وأنزل عليك يا محمد هذا الكتاب المبين.

تنبيه: المراد بذهاب القرآن: محو ما في المصاحف، وإذهاب ما في الصدور. قال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة، وأن هذا القرآن كأنه قد نزع منكم، تصبحون وما معكم منه شيء. فقال رجل: كيف يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن، وقد ثبتناه في قلوبنا، وأثبتناه في مصاحفنا، نعلمه أبناءنا، ويعلمه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: يسرى به في ليلة، فيذهب بما في المصاحف، وما في القلوب، فتصبح الناس كالبهائم، ثم قرأ: {وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ..}. إلخ. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل، له دوي كدويّ النّحل، فيقول الله: ما بالك؟ فيقول: يا رب منك خرجت، وإليك أعود، أتلى، فلا يعمل بي.

وقد جاء معنى ما تقدم مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو، وحذيفة-رضي الله عنهما-.

قال حذيفة: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، فيسرى على كتاب الله تعالى في ليلة، فلا يبقى منه في الأرض آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير، والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: «لا إله إلا الله» وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة». قال له صلة بن زفر العبسي: ما تغني عنهم «لا إله إلا الله» وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم رددها ثلاثا، كلّ ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>